أفادت صحيفة "الخليج" الاماراتية بأنه "عندما يتم وضع العربة أمام الحصان، فكأنه يتم الجري وراء السراب بحثاً عن الماء، أو البحث عن النجوم في عز الظهيرة، الولايات المتحدة تسعى لتغيير قوانين الطبيعة وحقائق التاريخ والجغرافيا، وتجعل من المستحيل أمراً واقعاً، اعتقاداً منها أنها عندما تمتلك القوة العاتية، ووسائل الضغط والجبروت والترهيب والتخويف يمكنها أيضاً أن تفرض قوانينها وشروطها، رغم مجافاتها ما درجت عليه الإنسانية في علاقاتها، وما سنته من قوانين وشرائع، ووثقته في شرعة حقوق الإنسان، وفي قرارات الشرعية الدولية".

ولفتت إلى أنه "بعد وصول إدارة الرئيس ​دونالد ترامب​ إلى السلطة، وتعيين الثلاثي ​جاريد كوشنر​ وديفيد فريدمان، وجيسون غرينبلات وكلاء لإسرائيل في هذه الإدارة، جهد الثلاثة لتصفية القضية ال​فلسطين​ية بسلسلة من القرارات التي دمرت قواعد السلام العادل، وقضت على أية إمكانية للمفاوضات، كما ألغت أي دور للولايات المتحدة يمكن أن تلعبه كوسيط نزيه بين الفلسطينيين ودويلة الاحتلال، من خلال تطبيق كامل المشروع الإسرائيلي في تثبيت مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، والعمل على إلغاء حق العودة من خلال السعي لتدمير وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" ووقف الدعم المالي الذي يقدم إليها وإلى السلطة الفلسطينية، والانسحاب من المنظمات الدولية التي تقر بحقوق الفلسطينيين، وإقفال مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن، إضافة إلى تأييد عمليات التهويد والاستيطان في الأراضي المحتلة وبهذا تكون الولايات المتحدة قد قضت على الشروط الأساسية لأية تسوية، وقضت معها على ما يسمى عملية السلام، لأنها سلبت الشعب الفلسطيني أي حق من حقوقه، وأعطت الاحتلال كل ما يريد ويطلب".

وأشارت إلى أنه "رغم ذلك تصر الإدارة الأميركية على التسوية بالشروط الإسرائيلية من خلال صفقة القرن، وبالقوة أيضاً في حال رفضها الفلسطينيون، وكأن الشعب الفلسطيني قطيع ماعز لا حول له ولا قوة ويمكن أن تسوقه هذه الإدارة كيفما تشاء، كوشنر يرى أن الإجراءات العقابية الأخيرة ضد الفلسطينيين لن تضر باحتمالات السلام بل تزيد من فرص تحقيقه، لكن كيف؟ من خلال إزالة ما ادعى أنها حقائق زائفة تحيط بعملية السلام، أي إلغاء حق العودة والإبقاء على الاحتلال والاستيطان والقدس عاصمة للكيان والدولة اليهودية، بل هو يرى أن هذه التسوية سوف تتم مع الفلسطينيين أو من دونهم".

وأضافت الصحيفة: "بمعنى آخر، يعتبر كوشنر أن عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه ، وإقامة دولة فلسطينية ، واعتبار القدس عاصمة للدولة ،وإنهاء الإحتلال واقتلاع الإستيطان هي حقائق مزيفة تعيق عملية السلام ، وأن الولايات المتحدة تثبت الحقائق الفعلية ، وهي كل ما يتعلق بالأساطير التلمودية التي قامت عليها الفكرة الصهيونية التي يؤمن بها مع عتاة المتطرفين في الإدارة الأميركية التي تطبق نصوص سياسة حكومة نتانياهو"، متسائلة: "كيف يمكن أن تتم تسوية القضية الفلسطينية من دون أصحابها كما يدعي كوشنر؟ هل هو نوع من الجنون أو هو تهويل بقبول ما هو معروض في أسهم العقارات الأميركية؟ أم هي القوة الأميركية العمياء التي تعتقد أنها قادرة على جر عربة السلام بالمقلوب، وفقاً لمشيئة إسرائيل والولايات المتحدة".

وتابعت: "سوف يتأكد كوشنر وجماعته، عاجلاً أم عاجلاً، أن الشعب الفلسطيني عصي على التطويع، وأن القضية الفلسطينية ليست عقاراً، لعل كوشنر الذي لا يعرف من العالم إلا الصفقات ، لم يقرأ تاريخ الشعب الفلسطيني الممتدة جذوره في الأرض المقدسة لآلاف السنين، وكم قاوم وصمد ودفع من التضحيات . فهوعلى ما يبدو لا يعرف من التاريخ إلا تاريخ أميركا الذي يمتد لأقل من 250 سنة ، والمرتبط بإبادة أكثر من عشرة ملايين هندي أحمر والشعب الفلسطيني لن يكون مثلهم بالتأكيد".