نقلت صحيفة "الجمهورية" عن شخصية تربطها علاقة وثيقة برئيس الجمهورية ​ميشال عون​ و"التيار الوطني الحر"، تعليقًا على "وجود رهان لدى بعض المستويات السياسية بأنّ الرئيس عون سيتراجع عن تصلّبه على خط التأليف، ويقبل بالمسودّة الّتي عرضها عليه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كما هي، أو ما يشابهها، أنّه "يبدو أنّ هؤلاء لا يعرفون الرجل، إن كان رهانُهم على تراجع عون جدّيًا، فمعنى ذلك أنّ المراهنين على هذا الأمر ما زالوا في الصفوف الإبتدائية في ال​سياسة​".

ولفتت هذه الشخصة إلى أنّ "في زمن الفراغ الرئاسي، رفع العماد عون حينها، شعارًا قاطعًا "إمّا أنا رئيس للجمهورية أو لا رئيس". وتحكّم هذا الشعار بالبلد لسنتين ونصف، حتّى تحقّق شرطه الأساس: "أنا رئيس الجمهورية"، مشيرةً إلى أنّ "كثيرون آنذاك، اعتبروا أنّ وصول عون إلى قصر بعبدا من سابع المستحيلات، وفي النهاية سيملّ الرجل، وسيسلّم بالأمر الواقع ويقتنع أنّ طريقه مسدود. وآنذاك أيضًا، أخذ كثيرون يفكّرون بصوتٍ عالٍ، بضرورة الإنتقال جدّيًا إلى الخيار "ب"، عبر اختيار شخصية ثانية لموقع الرئاسة الأولى".

وأوضحت أنّ "التفكير بالخيار "ب"، لم يقتصر على مَن هم خارج البيت العوني أو البرتقالي، بل شارك فيه بعضٌ ممّن هم من داخل هذا البيت، ولكن من دون أن يتسرّب ما جرى إلى خارج هذا البيت. وثمّة واقعة بالغة الدلالة حصلت ودُفنت في لحظتها، إذ بعدما طالت فترة الفراغ الرئاسي واستفحلت، سرت قناعة في البلد أنّ أمل العماد عون قد انعدم في الصعود إلى القصر الرئاسي. ويومها صار كثيرون يفكّرون كيف نقنع عون بالتراجع والانسحاب. وثمّة مِن "الأصدقاء" مَن وجد الحلّ، في أن يتمّ الإقتراح على عون حلًّا مرضياً له، يقول باختيار شخصية يرضى عنها لرئاسة الجمهورية".

ونوّهت الشخصية إلى أنّ "الطريف في الأمر، أنّ أيًّا من هؤلاء الأصدقاء لم يتجرّأ على مفاتحة عون بهذه الفكرة. ولكن حصل ما لم يكن في حسبان أحد، إذ في عزّ الفراغ الرئاسي، بدأت مجموعة في "المحيط القريب" تقرّ بأنّ الوقت طال أكثر من اللازم، وصار من الضروري إيجاد حلّ ومخرج لهذه الأزمة. ومن هذه الأجواء خطا أحد "أقرب المقرّبين" خطوة غير متوقّعة على الإطلاق واعتُبرت خطوةً شديدة النوعية، إذ انّه بادر في إحدى الجلسات الخاصة جدًّا إلى اقتراح جريء على عون، يفيد بأن نبدأ التفكير بالخيار "ب"، إذ لا نخرج من المعركة الرئاسية، ولكن من باب الإحتياط نبدأ من الآن بتحضير شخصية إن لم نوفّق بالخيار "أ"، أي انتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية، تكون هذه الشخصية جاهزة".

وبيّنت أنّ "هذه الفكرة كانت مفاجِئة لعون، ورفض حتّى مناقشة أصل الفكرة، إذ مجرّد أن سمعها انتفض في مكانه وتوجّه إلى صاحب الفكرة بكلام جدّي جدًّا وفيه ما مفاده: "هذا الكلام الّذي تقوله لا أريد أن أسمعه منك". فقيل له ما العمل إذًا، فردّ بنبرة حاسمة وجازمة "إمّا أنا رئيس أو لا رئيس"".

وركّزت على أنّ "ما حصل في تلك الجلسة الخاصة جدًّا، بلغ في ذلك الوقت الحليف الأقرب للعماد عون أي "حزب الله" الّذي كان يخوض معركة الجنرال إلى آخر مداها. نام الحزب على هذه المعلومة، ولكن جرى تظهيرُها بما يخدم الجنرال، وجاء كلام صريح من قبل نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في احتفال للحزب قال فيه ما حرفيّته "إنّ أمام الفريق الآخر خيارين، إمّا انتخاب رئيس تكتل "الإصلاح والتغيير" العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية، أو الفراغ لأجل غير مسمّى".

وأوضحت الشخصية أنّ "ما فرض الكشف عن هذه الرواية، هو المسلسل الهزلي الّذي يُعرض على خط التأليف، فثمّة مَن تعمّد الدوران في الحلقة ذاتها منذ انطلاق مشاورات التأليف، ويحاول أن يلعب لعبة قديمة على الخط الحكومي، وهي لعبة خاسرة سلفًا"، كاشفًا أنّ "معلوماتنا تؤكّد أنّهم يراهنون على أنّ الرئيس عون لن يستطيع الاستمرارَ في موقفه المتصلّب حيال المسودات الّتي تُقدّم إليه، وقرّروا أن يلعبوا مع رئيس الجمهورية لعبة الوقت، وإنّه كلّما تأخّر الوقت، سيشعر بأنّ الضرر الأكبر يرتدّ على العهد، فيجد نفسه محشورًا وفي نهاية المطاف سيتراجع حتمًا، ويقبل بالحكومة الّتي يريدونها".

وشدّدت على أنّ "انطلاقًا من معرفتنا الوثيقة برئيس الجمهورية وكيف يفكّر، وانطلاقًا من معلومات أكيدة نملكها، لا مكان للتراجع لديه، معركة الرئاسة كانت أقسى المعارك الّتي خاضها ولم يتراجع فيها رغم الجبهة الإعتراضية الواسعة داخليًّا وخارجيًّا على وصوله إلى رئاسة الجمهورية، والمعركة الجارية حاليًّا على خطّ التأليف تكاد لا تقاس أمام المعركة السابقة".

وأكّدت أنّ "أيّ تفكير بإمكان تراجعه والرضوخ للصيغ الّتي يرفضها، هي مجرّد تخيّلات ووهم. فمن الأساس كانت معركة التأليف، وما زالت محتدمة تحت عنوان وحيد هو إرضاء "حزب القوات اللبنانية"، وعن قصد أو عن غير قصد منح هذا العنوان "القوات" حقّ "الفيتو" وقدرة إملاء الشروط التي تراها، ورئيس الحكومة المكلف لم يحِد عن هذا العنوان حتّى إنّه في مسودته الأخيرة الّتي قدّمها الى رئيس الجمهورية تنازل لـ"القوات" عن حقيبة من حصته، لعلّ هذه المبادرة تجد قبولاً لدى رئيس الجمهورية، إلّا أنه رفضها فور تقديمها له لعدم توازنها، وحصر وزراء الدولة بغيرها من دون أن يكون لها نصيب بوزير دولة".

ونوّهت الشخصية إلى أنّ "بمعزل عن شخصية عون وعناده في المحطات الأساسية، فإنّ هناك صراعاً واضحاً بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، وجه هذا الصراع آني، إنّما جوهره مستقبلي وتحديدًا على مَن يقود الساحة المسيحية لاحقًا".