هناك من يقول بأن ​روسيا​ تعلم بأي عملية عسكرية ​اسرائيل​يّة في ​سوريا​ قبل حصولها. هذا امر واقع، والطرفان اعلنا ذلك اكثر من مرة، وربما يكون غبيا من يظن أن الروسي سيدخل بالصراع العربي-الاسرائيلي بما لا يخدم مصالحه عالميا، ولكن هل يغير ما حصل في الأيام الماضية بين روسيا واسرائيل فوق الاراضي السوريّة بعض شروط اللعبة؟.

سقطت ال​طائرة​ الحربية الروسية "إيل-20" بينما كانت تقوم بمهمة استطلاع فوق منطقة خفض التصعيد بإدلب، بصاروخ "صديق"، ولكن المشكلة كانت ما اعلنه نائب قائد فوج الصواريخ الروسيّة المضادة للطائرات في سوريا، فيكتور خوستوف بأن الطائرات الحربية الاسرائيلية تستّرت خلف طائرة الإستطلاع الروسيّة "IL-20"، فاندمجت علامات تعريف كلّ من طائرتي الإستطلاع "IL-20" وطائرات "F-16" الإسرائيلية، أي بشكل أدقّ وبلا دخول في تفاصيل عسكريّة، ان "الإسرائيليين استخدموا نظام "التمويه الجوّي"، فتجمّعت قاذفاتهم حول "إيل 20" الضخمة على شكل "كومة"، فحوّلوها ضحية لعمليّتهم".

في هذا الاطار يستبعد المحلّل السياسي ماهر الخطيب حدوث تصعيد سياسيٍّ او اقتصاديّ في العلاقات الروسية-الإسرائيلية بسبب حادثة إسقاط الطائرة، وبالتالي لن يكون الأمر على غرار سيناريو إسقاط المقاتلات التركيّة الطائرة الروسية، نظراً إلى أن موسكو لا تريد في الوقت الراهن الدخول في أي مواجهة مع أي من اللاعبين الإقليميين أو الدوليين على الساحة السورية، بل على العكس من ذلك تريد تكريس دورها كضابط إيقاع أو ضامن لمصالح الجميع تحت قيادتها.

من جهته يرى الصحافي في "سبوتنيك" حسين سمّور ان الموقف الروسي الذي تلا الحادثة مباشرة لم يبقَ نفسه بعد ساعات على الحادثة، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن روسيا حمّلت اسرائيل مسؤوليّة سقوط الطائرة عبر بيان وزارة الدفاع الاول، بينما عادت عبر بيان ​الكرملين​ لتقول بأن المسؤولية المباشرة لا تقع على عاتق اسرائيل وان وطأة الحادثة أقل من تلك التي تسبّبت بها تركيا.

من هذا المنطلق، لا يمكن التوقع بحسب الخطيب أن يعمد الجانب الروسي إلى أي إجراء مباشر قد يؤدي إلى توتير الأجواء، لكن في المقابل سيسعى إلى تأمين حماية أكبر لوجوده على الساحة السوريّة، من خلال رسم خطوط حمراء للتدخلات الإسرائيلية، بشكل لا يهدد هذا الوجود كما حصل في سماء اللاذقية.

ويكشف الخطيب الى أن هذا الواقع يعود بالدرجة الأولى إلى شبه إتفاق غير معلن، بين تل أبيب وموسكو، يقضي ألاّ يؤثر تحرك أي منهما على مصالح الآخر على الساحة السورية، والدليل هو عدم منع الجانب الروسي الضربات التي كانت توجّهها الطائرات الإسرائيلية إلى أهداف تزعم تل أبيب بأنها متعلقة بالوجود الإيراني، أو أخرى متعلقة بنقل أسلحة إلى "​حزب الله​" في ​لبنان​، بالرغم من قدرته على هذا الأمر.

تشير المعطيات بحسب سمّور الى أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي، ولكن ردّها لن يكون مباشرا بوجه اسرائيل بل من الممكن أن يكون عبر تضييق المجال الجوّي فوق سوريا، وبحال لم ينجح هذا الخيار بحماية القوات الروسية في سوريا فقد تلجأ القيادة الروسية لتزويد الجيش السوري بمنظومة الدفاع الجوي "إس-300" ليتولى هو حماية الأجواء". ويلفت سمّور النظر الى أن التوقعات بحصول مواجهة مباشرة بين روسيا واسرائيل لن تتحقق لأن علاقات البلدين ليست عاديّة بل قويّة، اذ يتواجد في روسيا لوبي اسرائيلي قادر على تحقيق أهدافه السياسيّة.

يبدو ان هذا اللوبي الاسرائيلي هو من يجعل روسيا تغضّ النظر دائما عن التحركات الاسرائيليّة فوق سوريا، وهذا ما يراه الخطيب مستمرًّا، والدليل بحسب رأيه هو الإعلان الروسي بأن تل أبيب أبلغت موسكو عن الغارة التي نفذّتها لكنّ المهلة لم تكن كافية كي تسحب الطائرة التي أُسقطت من قبل الدفاعات الجوية السورية، أي أن موسكو تعرف مسبقاً بأيّ تحرك إسرائيلي.