لفت النائب السابق ​نضال طعمة​، إلى أنّ "ها هي شواطئ عكار، تشهد وحشيّة ما أفرزته حرب شردّت شعبًا، وجعلته أسير لعبة الموت والقتل والغرق. طفل الخمس سنوات الّذي قضى تحت مركب قلبته أمواج الغربة، والبحث عن أمان مفقود، ينادي ضمير العالم اليوم"، متسائلًا "أما آن الأوان لوضع حدّ لمأساة شعوب هذه المنطقة؟ أما آن الأوان لوقف النزف في مقدّرات الأمة؟"، مشيرًا إلى أنّ "بين أنظمة بائدة، وسلفيون يدكون فلسفة الإصلاح بهمجية لا تمّت إلى الحضارة بصلة، يستفيد الصهاينة، محاولين تلميع صورتهم، لتظهر مقبولة وسط هذا الجنون الّذي يحيط بنا".

وركّز في تصريح على أنّ "آلة الموت تطحننا، وما زلنا نختلف على جنس الملائكة، ما زلنا نقارع الرياح تصلبًا وتصلفًا، ما زلنا نسلك كأبناء مزارع وكأنّ بناء الوطن عصي علينا، ما زلنا نتوه في متاهات قوانين وتشريعات وضعت ليسيرها قامع أو محتل، ما زلنا نعجز عن تشكيل حكومة، مصنّفين الكفاءات بهوية هذا الشارع أو ذاك الحزب أو تلك المنطقة".

وشدّد طعمة أنّ "البلد لن يستقيم إذا كان وزيره مصنّف سلفًا لفئة ما، وحكومته تتجاذبها شهوة السيطرة والتحكّم بالآخرين. إذا كانت الحكومة لخذمة كلّ الناس، كلّ المواطنين وكلّ الوطن، فما المشكلة في من يتولّى هذه الخدمة؟"، منوّهًا إلى أنّ "لعلّ إحدى أهم إشكاليّاتنا المعاصرة، أنّنا مقتنعون أنّ البلد يكاد يخلو من "التكنوقراط" الحيادي"، مشيرًا إلى أنّ "في فترات معيّنة كان الحل السياسي في البلد بتأليف حكومة محايدة، للأسف هناك من يصنّف المحايد اليوم خصمًا له".

وسأل "أي حكومة اليوم نريد بالضبط؟ إنّ للوحدة الوطنية أثمانًا على الجميع أن يساهم في دفعها، ولكن الجميع يريد أن يأخذ لا أن يعطي. فلنمتلك الجرأة ولنقل هل نريد حكومة وحدة وطنية فعلًا؟ فلنسهّل إذًا عمل رئيس مجلس الوزراء المكلف ​تشكيل الحكومة​ ​سعد الحريري​".

وأوضح طعمة أنّ "حكومة الوحدة الوطنية تفترض تكافؤ الفرص، منطق لا غالب ولا مغلوب، شراكة تساهم في تخفيف الفروقات بين الناس، وتأنف أخذ البلد أسيرًا في المعادلات الإقليمية، أو رأس حربة لمشروع خارجي، أو مطيّة لمناصرة هذه أو تلك من البلدان المتصارعة مع غيرها، في موازين ومعادلات تقاسم السلطة والمصالح"، مؤكّدًا أنّه "لا يمكن للسيادة أن تكون نسبية، وللاستقلال أن يكون موسميًّا".

ونوّه إلى أنّه "إذا كنّا لا نريد حكومة وحدة وطنية، فلنصرح بذلك، ولنتحمّل مسؤوليّة ذلك أمام ضمائرنا أوّلًا، وشعبنا ثانيا، وأخيرًا أمام ​المجتمع الدولي​؛ وما لهذا المجتمع من تأثير على بنية ​الإقتصاد​ ومكانة البلد ومستقبله"، مشدّدًا على أنّه "إذا كنّا لا نريد منطق الوحدة والشراكة، فلماذا نضيع وقت رئيس الحكومة المكلف، ونناور بقناع اسمه حكومة العهد، ونقول إنّ حكومة العهد يجب أن تكون على صورة العهد، دون وعي عميق ومعيار موضوعي لمدلول هذا الكلام؟".

كما بيّن "أنّنا نريد حكومة ​لبنان​ لكلّ لبنان، على صورة ناسه كلّ ناسه بكلّ فئاته وأطيافه، وذلك ليس ضدّ العهد، بل لينجح العهد والحكومة والشعب، في صون البلد وحفظ مستقبله، وهذه مسؤوليّتنا جميعًا، فلنحدّد مواقفنا ومدلولات تصاريحنا"، معربًا عن أمله في أن "تشهد النسخة المنقحة المقدّمة من رئيس الحكومة المكلف قبولًا في ​بعبدا​، وتبدأ مسيرة العمل المؤسساتي في بلد قتلته المصالح والمحسوبيات".