بعد أن كادت تصل الامور الى القطيعة التامة وتحوّل الخلاف السياسي الوظيفي الى خلاف شعبي على "الأرض" المتداخلة، تشكّلت لجنة "الحوار" بين ​التيار الوطني الحر​ و​الحزب التقدمي الاشتراكي​ بمبادرة من مدير عام الأمن العام ​اللواء عباس ابراهيم​ الذي ترأس اللجنة، فهل نشهد لجانا مماثلة تتيح "ضبط" الخلاف في الوقت الضائع قبل تشكيل الحكومة؟.

كانت لجنة الوطني الحر برئاسة نائب رئيس التيار الوطني الحر للشؤون الادارية رومل صابر، والتقدمي الاشتراكي برئاسة مفوض الداخلية بالحزب هشام ناصر الدين، حاجة في ظل الأجواء المشحونة التي يمر بها لبنان، وضرورة لإعادة مسار العلاقة بين الفريقين الى الطريق السليم، وهذا ما يتفق عليه الجميع كون تفشي الخلاف لا يمكن أن يفيد أحدا.

بعد مبادرة اللواء ابراهيم هذه، كشفت مصادر سياسية عن وجود فكرة تنص على تشكيل لجنة اخرى مماثلة، بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، تحاول التوصل لرسم بعض الخطوط الحمراء التي لا يجب تخطّيها من أي من مسؤولي الفريقين. وتضيف المصادر: "لم تتبلور الفكرة كاملة حتى اللحظة، كذلك لم يتم بحثها مع مسؤولي التيار أو القوات"، مشيرة الى أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لجهة تطبيق هذه الخطوة او التراجع عنها، خصوصا وأن الهدف الأساسي منها ليس الوصول الى اتفاقات سياسية بل "تهدئة الخطابات والمواقف" كي لا تنعكس سلبا على الجمهور، بما يؤدي لحدوث صدامات في الشارع أو في الجامعات.

في هذا السياق، نفى رئيس جهاز الإعلام في ​حزب القوات اللبنانية​ شارل جبّور علمه بأي خطوة مماثلة، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن لا داعي لمثل هذه اللجان مع تقديره العالي للواء ابراهيم ودوره الوطني في العديد من الملفات وعلى أكثر من صعيد.

وأضاف جبّور: "في عز الاحتدام السياسي في العام 2005 بعد عودة (رئيس الجمهورية) الجنرال ​ميشال عون​ من المنفى وخروج ​سمير جعجع​ من السجن لم تحصل ضربة كفّ واحدة بين التيار والقوات، ولم يتم اللجوء لخيار الشارع الا مرّة واحدة قام بها التيّار يوم شارك بإقفال الطرقات، وما جعل الحادثة استثناء لا قاعدة"، مشددا على ما يعني القوات اللبنانية حيث أنّ خيار الشارع غير مطروح لديها، وأي خلاف مع التيار الوطني الحر أو غيره سيبقى ضمن الاطر المؤسساتيّة والسياسيّة، بما يؤدي لعدم انزلاق الأمور يوما الى ما لا تُحمد عقباه.

من جهته كشف نائب رئيس التيار الوطني الحر رومل صابر أن تشكيل لجنة مشتركة بين الوطني الحر والقوات، وإن كانت غير ضرورية، الا أنها لن تضر وستؤدي لخلق ايجابيات في العلاقة بين جمهوري الفريقين. وفي حديث لـ"النشرة" قال، "نحن متفقون مع القوات في الامور الاستراتيجيّة ولن نعود للخلف في هذا الشق، انما خلافنا معهم على الأمور السياسيّة واذا كان الأمر بحاجة الى لجنة مشتركة فلا أظن أن قيادة الوطني الحر ستمانع"، مشدّدا على ان مثل هذه اللجان قد تكون ضرورية لحفظ الاستقرار في الشارع.

واذ أكد جبّور وجود خلافات جديّة وكبيرة مع الوطني الحر، خصوصا بعد تراجع رئيس التيار (وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال) ​جبران باسيل​ عن تفاهم معراب، أشار الى ان الخلافات السياسية لن تدفعهم للجوء نحو خيارات صداميّة، ما يلغي الحاجة لطرف ثالث يلعب دور "المهدّىء". وتابع، "قنوات التواصل مع التيار مفتوحة سواء عبر لقاءات وزير الاعلام ملحم الرياشي والنائب ابراهيم كنعان، او عبر زيارات وزير الاعلام موفدا من جعجع الى القصر الجمهوري، وبالتالي عندما يكون هناك ما يستدعي التواصل لإزالة أي التباس فالاتصالات والطرق ستكون مفتوحة".

ورأى جبّور ان ما ينطبق على علاقة الحزب التقدمي الاشتراكي والوطني الحر لا يمكن أن ينطبق على القوات، مشيرا الى أنه لو حصل التواصل مسبقا بين أي مسؤول اشتراكي وأي مسؤول من الوطني الحر لما وصلت الأمور الى مكان لا يمكن تداركه، مشددا على ضرورة تمتّع الجميع بالوعي الكافي لإبقاء الخلاف ضمن الأطر الوطنية، لان الجمهور سريع وشديد التأثّر بما يصدر عن مسؤولي حزبه.