بعد تكليف رئيس ​تيار المستقبل​ النائب ​سعد الحريري​ تشكيل ​الحكومة​، أي منذ أكثر من ١٣٠ يوماً، كثرت التسريبات الصادرة عن نواب وقيادات التيار الأزرق، عن أن وزير الإتصالات في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​جمال الجراح​ سيشغل في الحكومة ​الجديدة​ حقيبة الداخليّة والبلديّات بدلاً من النائب البيروتي ​نهاد المشنوق​، كل ذلك بنتيجة القرار الذي إتخذه التيار بفصل النيابة عن الوزارة. في ​الأخبار​ المسرّبة أيضاً، حُكي عن وعد قطعه الحريري للجراح قبل ​الإنتخابات النيابية​، بإعطائه حقيبة الداخليّة مقابل سحب ترشيحه عن المقعد السني في دائرة ​البقاع​ الغربي-راشيا. وعدٌ، سرعان ما تبين أنه غير موجود، بين الجراح ورئيسه، ومن هنا بدأت حملة من داخل تيار المستقبل على وزير الإتصالات الحالي.

في المعلومات التي ترويها مصادر مقربة من الجراح، هناك إتهام ولو بطريقة غير مباشرة للمشنوق بالوقوف وراء هذه الحملات، وذلك للوصول الى قناعة لدى الحريري بإستبدال إسم الجراح بآخر من التيار الأزرق ل​وزارة الداخلية والبلديات​. وفي السياق عينه، تتحدث المصادر المقربة من الجراح، عن "ملفات مفبركة لها علاقة ب​وزارة الإتصالات​ وبهيئة ​أوجيرو​، تم تسريبها منذ مدة الى الإعلام، بهدف تشويه صورة وزير الإتصالات، ومن سرّب هذه الملفات، هي مجموعة من الموظفين على علاقة بطريقة مباشرة أم غير مباشرة بالمشنوق".

هذه الإتهامات التي يوجهها فريق الجراح لوزير الداخلية، لم تقتصر على ملفات وزارة الإتصالات وأوجيرو فقط بل شملت ايضاً ملف ​تشكيل الحكومة​. وهنا توجه مصادر الجراح أصابع الإتهام الى الفريق المحسوب على المشنوق داخل تيار المستقبل، معتبرة أن وزير الداخلية يقف وراء تسريب التسجيل الصوتي الذي كان يتحدث فيه الجراح عن أن الحريري لن يجرؤ على إستبعاده عن التشكيلة الحكومية، وإذا فعل ذلك سيكون رد الجراح قاسياً وموجعاً. وفي تفسير لهذه الحرب المفتوحة بين الجراح والمشنوق، هناك رأيان في التيار الأزرق: الأول يرى أصحابه أن ما من حملة على الجراح وألا علاقة للمشنوق بما يحصل، بل كل ما في الأمر هو أن الجراح يحاول أن يصور نفسه مستهدفاً وفي موقع الضحية وذلك بعدما شعر بأن الحريري قد تخلى عنه حكومياً. أما أصحاب الرأي الثاني فيعتبرون أن فريق المشنوق على علاقة بالحملة على الجراح، وهو يحاول من خلالها الوصول الى أمر من إثنين: إما إقناع الحريري بإعادته الى الداخلية مرة جديدة، وهو أمر شبه مستحيل بسبب قرار التيار بفصل النيابة عن الوزارة، وإما إخراج الجراح من الحكومة وبذلك يكون قد أخرج من التشكيلة واحداً من المعروفين سابقاً بـ"صقور" التيار الأزرق، وفتح الباب أمام توزير وجه جديد لا يشكّل خطراً على المشنوق مستقبلاً، الطامح بدخول نادي رؤساء الحكومات.

حرب التسريبات بين المشنوق والجراح فتحت، ولن تنتهي إلا بعد صدور مراسيم تشكيل الحكومة. الحريري يلعب دور المتفرج، وإنشغالاته لن تسمح له بجمع الرجلين للتهدئة خصوصاً أن حربهما لن تقدم ولن تؤثر على مفاوضات التأليف.