ظنّ المواطنون أن قرار تركيب العدّادات على المولّدات الخاصّة سينعكس إيجاباً عليهم، لكن مع توالي القرارات التي تصدر عن ​وزارة الإقتصاد والتجارة​، نتيجة المفاوضات التي تقوم بها مع أصحاب المولّدات، يبدو أنه سيكون عليهم دفع عددٍ من التكاليف الجديدة الباهظة تحت عناوين مختلفة.

في البداية، كانت الوزارة حاسمة بأن هذا الإجراء سوف يعود بـ"الربح" على المواطن، وهي اشترطت لذلك أن يتولى أصحاب المولّدات دفع كلفة تركيب العدادات، لكن ما حقيقة ما يحصل؟.

عملياً، سيكون على كل مواطن أن يدفع، قبل تركيب العدّاد، ما يقارب مئة دولار كحدٍّ أدنى، 100 ألف ليرة بدل تأمين و50 ألف ليرة بدل إمدادات، إلا أن الكلفة لن تتوقّف عند هذا الحد، فبحال كان الإشتراك 10 أمبير لا 5 أمبير، سيكون بدل التأمين 175 ألف ليرة، وهو سيرتفع عن كل 5 أمبير إضافية 50 ألف ليرة أخرى، ما يعني أن المواطن، الذي يريد الحصول على عدّاد بحجم 10 أمبير، سيكون عليه دفع ما يقارب 225 ألف ليرة لصاحب المولّد أولاً، بالإضافة إلى سعر العدّاد في حال قرّر ​أصحاب المولدات​ تحميله إلى المشترك، على أن يتمّ حسم سعره على دفعات شهرية.

بالإضافة إلى ذلك، تؤكّد مصادر مطلعة، عبر "​النشرة​"، أنّ التسعيرة المقرّرة لكل كيلوات غير ثابتة، فما تم إقراره، أي 410 ليرات لكل كيلوات، هو على سبيل التجربة، وفي حال وجد أصحاب المولّدات أنها "مُجحفة" بحقّهم، سيتمّ العمل على رفعها من جديد من قبل ​وزارة الطاقة والمياه​.

في هذا السياق، يشير رئيس تجمّع أصحاب المولّدات عبدو سعادة، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الأمور على طريق الحلّ، حيث يلفت إلى أنّ المفاوضات مستمرّة مع الوزارة ومن الممكن أن تصل إلى نتيجة خلال يومين، ويضيف: "المشكلة اليوم هي في التسعيرة، وفي حال تم التوافق على رفعها لن يكون هناك أزمة"، مؤكداً أن أصحاب المولدات ليسوا في وارد البدء في تركيب العدادات قبل الإتفاق مسبقاً على هذا الأمر.

قبل أيام قليلة، تحديداً عند تصعيد أصحاب المولدات في مؤتمرهم الصحافي، كان وزير الإقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال ​رائد خوري​ حاسماً بأن لا تسوية على قراره، مؤكداً وجود قرار يجب أن ينفّذ، لكن على ما يبدو تحت الطاولة هناك أكثر من تسوية، فما هي الأسباب التي ستدفع المواطن، في شهر المدارس و"المونة" وتأمين المحروقات للتدفئة خلال فصل الشتاء، إلى دفع مئة دولار على الأقل لأصحاب المولدات، بالرغم من أن جميع المسؤولين يدركون أن هؤلاء نجحوا في جني ثروات ضخمة طوال سنوات عملهم السابقة من دون أي رقابة عليهم، وهل فعلاً أصحاب المولدات هم الطرف الأضعف في المعادلة كي تسعى الدولة إلى تحصيل حقوقهم عبر "التأمين"؟.

على صعيد متصل، لدى بعض المعنيين، في وزارتي الإقتصاد والتجارة والطاقة المياه، قناعة بأن نظام العدادات سيقود المواطنين إلى الإعتماد في أعمالهم على الكهرباء التي يكون مصدرها مؤسسة الكهرباء، نظراً إلى أن سعر الكيلوات سيكون أرخص من ذلك المحدّد للمولّدات، إلا أن ما هو غائب عن ذهن هؤلاء، على ما يبدو، أن الدولة تدعم فاتورة الكهرباء، ما يعني أن الكلفة ستكون أكبر على الخزينة العامّة، أي على المواطن مرة أخرى بطريقة غير مباشرة، هذا إذا تأمّنت الكهرباء من المؤسّسة.

على هذا الصعيد، لدى رئيس تجمع أصحاب المولدات قراءة مختلفة لنظام العدادات، التي تؤكد وزارة الإقتصاد أنه سوف يؤدي إلى خفض فاتورة المواطن ما بين 30 و50%، حيث يؤكد أن هذا الأمر غير صحيح، بل على العكس الفاتورة ستكون مرتفعة، نظراً إلى أن المواطن سيصرف أكثر، لا سيما أن أصحاب المولدات يطالبون برفع التسعيرة إلى أكثر من 410 ليرات، وبالتالي الفاتورة ستكون أعلى من نظام القاطع (الديجانتور)، مستغرباً حديث وزير الإقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال عن توفير ما يقارب 500 مليون دولار، بينما هو يعلن أن هذا النظام جديد ولا يعرف كيف حتى الآن ستكون نتيجته.

على صعيد متصل، يشير سعادة إلى انه في ​لبنان​ نحو 7000 مولد خاص، بينما عدد المشتركين يصل إلى نحو مليون، ما يعني أن أصحاب المولدات سيحصلون، من جراء تركيب العدادات، على ما يقارب 150 مليار ليرة، كلفة التأمين بالإضافة إلى الإمدادات، بينما هم سيتولون دفع قيمة العدّادات، التي تتراوح بين 20 و25 دولار للعداد الواحد، وهنا تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول عودة التأمين إلى المشترك بحال قرّر إنهاء الإشتراك، لا سيما أن التجارب اللبنانية تثبت العكس.

بالإضافة إلى كل ما تقدّم، لا سيما على مستوى مسار المفاوضات، بات هناك قناعة لدى المواطنين بأن أصحاب المولّدات أثبتوا أنهم أقوى من الدولة، بالرغم من التهديد بمصادرة المولّدات التي يرفض أصحابها تركيب العدّادات، فهذا القرار يمثّل أولاً إعترافاً من قبل السلطات المعنيّة بعجزها عن تأمين الكهرباء 24/ 24 خلال وقت قريب، كما أنه يمثل، بشكل أو بآخر، شرعنة لهذا القطاع، مع العلم أن محاضر الضبط ستُلغى عند تسوية المخالف لأموره.