على الرغم من المَشهد الضبابي الذي يُحيط بمسألة تشكيل الحُكومة المُقبلة، وعلى الرغم من أجواء التكتّم التي تُحيط بمُفاوضات تشكيلها، خرجت الأوساط السياسيّة المُتابعة للملفّ الحُكومي في الساعات الماضية بجُملة من الخُلاصات التي تُمثّل جوجلة لآخرالمعلومات والتفاصيل بشأن الحُكومة الجديدة. وفي هذا السياق، يُمكن تعداد ما يلي:

أوّلاً: الحُكومة ستُشكّل على الأرجح في الفترة المُمتدّة من نهاية الشهر الجاري وما قبل عيد الإستقلال في 22 تشرين الثاني المُقبل، لأنّ المُفاوضات وصلت إلى مرحلة توزيع الحقائب الخدماتية الأساسيّة وتلك الأقل أهميّة، باعتبار أنّه جرى حسم مسألة الحُصص، وكذلك مسألة توزيع الوزارات "السياديّة"، ووزارات الدولة أيضًا. ولولا سفر بعض القيادات إلى الخارج بناء على مواعيد وإرتباطات سابقة، لكانت وتيرة التفاوض قد تسارعت أكثر.

ثانيًا: التوزيع النهائي للحكومة المُقبلة سيكون على الشكل التالي: الوطني الحُر (6 وزراء)، المستقبل (6 وزراء بينهم رئيس الحُكومة)، القوات (4 وزراء)، حزب الله (3 وزراء)، أمل (3 وزراء)، رئيس الجمهورية (4 وزراء مع حقّ المُشاركة بتسمية الوزير الدرزي الثالث)، الإشتراكي (وزيران مع حقّ المُشاركة بتسمية الوزير الدرزي الثالث)، المردة (وزير واحد)، بمجموع إجمالي يبلغ 30 وزيرًا من ضمنهم رئيس ​الحكومة​ بطبيعة الحال.

ثالثًا: الثلاثي الذي يضمّ "المُستقبل" و"القوّات" و"الإشتراكي" سيتمثّل بمجموع 12 وزيرًا صافيًا (بينهم رئيس الحُكومة)، في تراجع طفيف عن تمثيله في الحكومة الحالية والذي يبلغ 13 وزيرًا (بينهم رئيس الحُكومة ومع إحتساب الوزير ميشال فرعون)، في مُقابل 10 وزراء لكل من رئيس الجمهوريّة و"التيّار"، و7 وزراء لكل من "الثنائي الشيعي" و"المردة". وسيُمثّل الوزير الدرزي الثالث نقطة تواصل بين مُختلف القوى، بحيث سيكون وزيرًا ملكًا على الرغم من أنّه لن ينال حقيبة. وبحسب هذا التوزيع، لن يمتلك أي طرف "الثلث المُعطّل أو الضامن"، حيث أنّ الوُصول إلى مجموع 11 وزيرًا يتطلّب تصويت ما لا يقلّ عن ثلاثة أحزاب في إتجاه واحد، باستثناء حالة واحدة تتمثّل في توافق كل من تيّاري "الوطني الحُرّ" و"المُستقبل" معًا. وحلّ الوزير الدُرزي الثالث الوسطي يهدف إلى عدم كسر رغبة "الرئيس" و"التيّار" بأن يكون لهم حصّة من 11 وزيرًا، وإلى عدم كسر "الإشتراكي" بأن يكون التمثيل الدرزي الحزبي لصالحه حصريًا، بحيث يُمكن أن يلعب هذا الوزير دور "بيضة قُبّان" في أكثر من قرار لصالح هذا الطرف أو ذاك.

رابعًا: توزيع الحقائب السياديّة الأربعة سيكون مُشابهًا لما هي الحال عليها في الحُكومة الحالية من دون أي تعديل، أي أنّ "المال" ستبقى بيد حركة "أمل"، إنطلاقًا من الإصرار على مُشاركة الطائفة الشيعيّة في السُلطة التنفيذية عبر توقيع وزير المال، و"الداخليّة" ستبقى بيد "المُستقبل" حرصًا على مُشاركة الطائفة السنّية بالقرار الأمني الداخلي، و"الدفاع" ستبقى من حصّة "رئيس الجمهوريّة و"الخارجيّة" من حصّة "التيّار" طالما أنّ مبدأ المُداورة بالحقائب غير مُنفّذ!.

خامسًا: توزيع حقائب الدولة وعددها 8 سيكون على الشكل التالي: وزير دولة لحزب "القوات" على أن يُمنح أيضًا منصب نائب رئيس الحُكومة، وزيرا دولة من حصّة "الثنائي الشيعي"، ووزيرا دولة من حصّة "المُستقبل"، ووزيرا دولة من حصّة كل من رئيس الجُمهورية و"الوطني الحُرّ"، إضافة إلى وزير دولة هو الوزير الدرزي الثالث "الوسطي".

سادسًا: إستبعاد كل من حزب "الكتائب اللبنانيّة" والحزب "القومي السوري الإجتماعي" و"تيّار العزم" عن الحُكومة المُقبلة، ومُختلف الشخصيّات المُصنّفة "مُستقلّة"، بات شبه محسوم. وسقط أيضًا خيار تمثيل "سُنة 8 آذار" من حصّة رئيس الجمهوريّة، باعتبار أنّ الرئيس العماد ​ميشال عون​ سينال وزيرًا سنيًا، في مُقابل أن ينال رئيس الحكومة وزيرًا مسيحيًا لتمثيل الوزير غطاس خوري مُجدّدًا، لكنّه لن يُجيّره إلى إحدى الشخصيّات السنّية المُعارضة الرئيسة، بحسب المعلومات المُتوفّرة.

سابعًا: توزيع الوزارات الخدماتيّة الأساسيّة وعددها 5 وزارات، أي الأشغال العامة والنقل، والصحة، والتربية والتعليم الحالي، والطاقة والمياه، والإتصالات، والوزارات الخدماتيّة الأقلّ أهميّة وعددها 5 وزارات، أي الشؤون الإجتماعيّة، والزراعة، والعمل، والصناعة، والإقتصاد والتجارة، يُشكّل النقطة التي لا تزال عالقة حتى تاريخه. والسبب أنّ كلاً من "التيّار" و"الثُنائي الشيعي" و"المُستقبل" و"القوات" و"الإشتراكي" و"المردة"، أي 6 جهات سياسيّة تريد إحدى الوزارات الخدماتية الأساسيّة، علمًا أنّ عددها 5 وزارات فقط، ما يعني أن على إحدى هذه الجهات التنازل عن نيل حقيبة خدماتيّة أساسيّة. وقد جرت مُحاولة لتجيير وزارة الصحّة بدلاً من الأشغال إلى "المردة"، على أن ينال "حزب الله" وزارة خدماتية أقلّ أهميّة، لكن "الحزب" رفض هذا الطرح. والمُحاولات قائمة لإقناع "الإشتراكي" بالتنازل عن الحقيبة الخدماتية الأساسيّة، لكنّها لم تنجح حتى الساعة أيضًا. إشارة إلى أنّ رئيس الجُمهورية خارج هذا التوزيع، كونه يُصرّ على الإحتفاظ بوزارة العدل كوزارة أساسيّة، إنطلاقًا من رغبته بالإمساك بوزارتي الدفاع(إضافة إلى موقع قائد الجيش) والعدل، وذلك بهدف الإمساك بكل من الأمن والقضاء.

ثامنًا: بالنسبة إلى الوزارات العادية، أي كل من السياحة والإعلام و"الشباب والرياضة" والثقافة والبيئة والمُهجّرين، فهي ستوزّع بدورها بمعدّل وزارة واحدة لكل من "المُستقبل" و"القوات" و"الإشتراكي" و"التيّار" (ستُجيّر إلى حزب "الطاشناق") وأحد حزبي "الثنائي الشيعي".

في الخلاصة، لا يُمكن الجزم بأيّ من المَعلومات الواردة أعلاه، لكنّ هذه هي الأجواء حتى لحظة إعداد هذا المقال، وبالتالي، إنّ الأسبوعين المُقبلين حاسمين للدلالة على الإتجاه الذي ستسلكه مُحاولات التأليف المُستمرّة منذ أكثر من أربعة أشهر ونصف، حيث أنّ تجاوز مسألتي الحصص وتوزيع الحقائب في المُستقبل غير البعيد وتحديدًا فور عودة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي من رحلته الخارجيّة، سيفتح الباب أمام مُفاوضات من بضعة أيّام إضافيّة، وذلك لإسقاط أسماء "معالي وزراء" على الحُكومة المقبلة.