على الرغم من الأجواء المتناقضة التي تُخيم على ملف ​تشكيل الحكومة​، بين من يؤكد أنها إيجابية ومن يؤكد أنها عادت إلى المربع الأول، بدأت بعض الأوساط المحلية بالتلميح بشكل جديد إلى أنها قد تبصر النور قبل نهاية الشهر الحالي، نظراً إلى أن العقوبات الأميركية الجديدة على الجمهورية الإسلامية في إيران، ستنطلق مع بداية الشهر المقبل.

بالإضافة إلى ذلك، تتحدث الأوساط نفسها عن أن إنشغال ​المملكة العربية السعودية​ في قضية إختفاء الصحافي ​جمال خاشقجي​، بعد دخوله إلى قنصلية بلاده في اسطنبول، قد يكون عاملاً مساعداً، نظراً إلى أنها لن تكون مهتمّة بالواقع اللبناني، بل في ردّ التهم التي توجّه إليها من قبل العديد من الجهات الدولية.

إنطلاقاً من هذا الواقع، تؤكد مصادر نيابية مطّلعة، عبر "النشرة"، أن رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، الذي كان قد كثف إتصالاته في الأيام الماضية، ينتظر عودة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ من الخارج، لإستكمال الإتصالات معه، خصوصاً أنها كانت قد أحرزت تقدماً كبيراً بعد موافقة عون على منح حزب "القوات اللبنانية" منصب نائب رئيس الحكومة، في حين أن العقدة الدرزية باتت على طريق الحل، نظراً إلى الإيجابية التي بات يتعاطى بها رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط.

من وجهة نظر هذه المصادر، هذا لا يعني معالجة العقدتين الأبرز بشكل كامل، لكن يمكن القول أن المعنيين قطعوا نصف الطريق، في حين أن المرحلة الثانية تحتاج إلى الإتفاق على توزيع بعض الحقائب، على إعتبار أن القسم الأكبر منها حُسم بعد الإنتهاء من توزيع السياديّة منها منذ الأيام الأولى للتكليف، حيث يريد "الإشتراكي" تعويض تراجعه عن الحصول على الحقائب الدرزيّة كاملة، بينما يسعى "القوات" إلى رفع مستوى الحقائب التي تعرض عليه.

بالنسبة إلى باقي العقد التي جرى الحديث عنها سابقاً، تجزم المصادر نفسها بأنها لا ترقى إلى مستوى عرقلة التأليف، لا سيما تلك المتعلقة بتمثيل الشخصيات السنية التي لا تدور في فلك تيار "المستقبل"، حيث تؤكد بأن ليس هناك من هو في طور الدخول في معركة مفتوحة مع رئيس الحكومة المكلّف من أجل ذلك، بينما الحقيبة التي سيحصل عليها تيار "المردة"، في حال لم تبق الأشغال العامة والنقل معه، من الممكن الإتفاق عليها، خصوصاً أنها في الأصل كانت تنازلاً من رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ لـ"المردة".

بناء على ذلك، تقرأ المصادر النيابية المطلعة الخطوط الحمراء التي وضعها الحريري، بالتزامن مع تحديده مهلة العشرة أيام، لناحية رفضه الذهاب نحو حكومة أكثرية أو الإعتذار من أجل إعادة تكليفه بناء على قواعد جديدة، حيث تعتبر أنه كان يبعث رسالة إلى من يعنيهم بالأمر بأنه لم يعد قادراً على الإنتظار أكثر، في ظل الإتهامات التي توجه له بـ"المماطلة"، خصوصاً بعد أن بدأت بعض الأوساط على الساحة السنيّة بالتلميح بأنه يقدم التنازلات على حساب صلاحيات رئيس الحكومة، لكن ماذا عن "الفتيوات" التي توضع على نوعية تمثيل "حزب الله"؟.

تجزم هذه المصادر بأن الإتفاق حول الحقيبة التي سيحصل عليها الحزب محسوم منذ فترة طويلة، أي حقيبة الصحّة العامة، وتلفت إلى أن ليس هناك ما يوحي بإمكانيّة التراجع عنها، بالرغم من الإشارة التي كان قد أرسلها رئيس الحكومة المكلف بالنسبة إلى قطع المساعدات الدولية، بالتحديد الأميركية منها، في حين أن الخطر هو في مكان آخر، أي حجم العقوبات التي ستفرضها واشنطن على طهران في تشرين الثاني المقبل، نظراً إلى أن من المحتمل أن يكون لها تداعيات على الساحة المحليّة، ما يحتّم على جميع الأفرقاء الإسراع في التأليف لتفاضي هذا الأمر أو الحد منه على الأقل.

في المحصلة، توضح المصادر نفسها أن كل هذه الأجواء، الخارجي منها والمحلي، تتزامن مع محطة معنوية مهمة بالنسبة إلى رئيس الجمهورية، هي الذكرى الثانية لإنتخابه في 31 تشرين الحالي، لكنها تعود إلى المقولة الدائمة التي يستخدمها رئيس المجلس النيابي: "ما تقول فول ليصير بالمكيول".