عندما زار رئيس حزب القوات ال​لبنان​ية ​سمير جعجع​ ​بيت الوسط​، كان الهدف الأول من لقائه رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ هو مصارحة الأخير بضرورة إعادة إحياء حكومة ​تصريف الأعمال​، كل ذلك للردّ على ​تشريع الضرورة​ الذي أطلقه رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ بالتشاور مع رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ومع الحريري نفسه.

وتحت شعار أن الوضع الإقتصادي في لبنان لم يعد يحتمل مزيداً من التأخير في ​تشكيل الحكومة​، تروي المصادر المتابعة إن جعجع لم يتطرق في لقائه مع الحريري لمسألة تشكيل الحكومة بأكثر من عشر دقائق فقط، وترك الحيّز الأكبر من كلامه للحديث عن كيفيّة خلق ظروف مناسبة لإعادة الحريري الى ​السراي الحكومي​ وعقد جلسات لحكومة تصريف الأعمال.

وبحسب مصادر اللقاء، كان الحريري مستمعاً لما يقوله رئيس حزب القوات ولم يعطِ موقفاً جازماً لناحية تأييد أو رفض فكرة إعادة إحياء الحكومة، ولكن بعد أيام قليلة على إستقباله جعجع، لمس الحريري لدى الأفرقاء الأساسيين رفضاً قاطعاً للطرح القواتي، ما جعله يصرف النظر عنه نهائياً معمماً على نوابه، وقيادات ​تيار المستقبل​، ضرورة إعطاء الأولوية في تصريحاتهم ومقابلاتهم لمشاورات تأليف الحكومة، وإذا طرح عليهم سؤال عن رأيهم بإحياء حكومة تصريف الأعمال، "فليكن جوابكم إن تيار المستقبل يعطي الأولوية في هذه المرحلة لعملية تأليف الحكومة ولا يفكر بأي طرح آخر".

قرار الحريري بصرف النظر عن طرح إحياء حكومة تصريف الأعمال لم يأتِ من لا شيء، بل من التعليقات السلبيّة التي وردته من كل الإتجاهات.

من ​بعبدا​، سمع الحريري بأن رئيس الجمهورية لا يحبّذ أن تجتمع حكومة تصريف الأعمال بما أن مفاوضات تشكيل ما يعتبرها الرئيس عون حكومة العهد الأولى شارفت على نهايتها. ومن الضاحية الجنوبيّة وكذلك من ​عين التينة​، وجّهت رسالة من الثنائي الشيعي الى الحريري مفادها إن " حكومة تصريف الأعمال لا يجب أن تجتمع إلا إذا شهد لبنان ظرفاً إستثنائياً ك​العدوان الإسرائيلي​ مثلاً، لا سمح الله".

أما ​التيار الوطني الحر​، فأوصل للحريري رأيه القائل، "من يدعو اليوم الى إعادة إحياء حكومة باتت بحكم المستقيلة، وكأنه يقول للبنانيين أنسوا عملية تشكيل الحكومة، وهو الذي يتحمّل مسؤولية التعطيل". في قراءة التيار الوطني الحر لطرح جعجع والتي وصلت الى الحريري، إتهام واضح للقوات "بإستعمالها حكومة تصريف الأعمال للتغطية على العراقيل التي تضعها أمام عمليّة تشكيل الحكومة" يقول العونيون.

لكل ما تقدّم لم يفاتح الحريري أي فريق سياسي بالعودة الى جلسات حكومة تصريف الأعمال، فالرجل يريد حكومة جديدة اليوم قبل الغد، وأي إنجرار وراء طروحات تحمل بين سطورها تحدياً سياسياً ومواجهة مع أفرقاء أساسيين، ينسف الى غير رجعة مفاوضات تأليف الحكومة، وإذا كانت هناك اليوم عقدة مسيحيّة وأخرى درزيّة تؤجلان الولادة الحكومية، فإحياء حكومة تصريف الأعمال يجعل الحكومة المنتظرة برمّتها عقدة العقد، لا بل يدرجها ضمن خانة الأمور المنسيّة او تلك التي يحتاج تحقيقها الى معجزة.