أسف المفتي الجعفري الممتاز سماحة ​الشيخ أحمد قبلان​ إلى الواقع المأساوي الذي نعيشه إذ "يبدو أن حبل الاتهامات على غاربه، وكل فريق يرمي الكرة إلى ملعب الآخر، ويتهمه بالعرقلة، ووضع الموانع أمام ​تشكيل الحكومة​، التي لا تزال تترنّح تحت وطأة المعايير والضغوطات الدولية والإقليمية، واجتهادات - إن استمرت - فلن يكون هناك حكومة ولا دولة، في حين أن الناس لم تعد تعرف سر الكولسات الحكومية، وما الذي يجري في هذا البلد، وبأي ​سياسة​ يُدار، وعلى أي مسار تُوجّه أمور اللبنانيين، الذين يرزحون تحت عبء الهموم المعيشية، والمتخوّفين من الغد الذي قد يحمل إليهم مفاجآت تزيد في معاناتهم، طالما أن القيّمين على شؤون البلاد والعباد مصرّون على سياسة النكد والتحدي، يدفعهم إلى ذلك جشعهم على السلطة، وما تؤمّنه لهذا وذاك من مكاسب ومغانم على حساب مالية الدولة ولقمة عيش الناس، الذين أصبحوا رهائن فضائح وصفقات هذه الفئة المتسلطة، والمتحكمة برقابهم، والمتلاعبة بمصير بلدهم، يناورون ويزايدون باسم الطوائف والمذاهب على الحصص، وكأن البلد متخم بالخيرات وكثرة الموارد".

وأكّد سماحته خلال خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين(ع) في ​برج البراجنة​، "أنه لمن المعيب جداً أن يكون البلد بأدق الظروف، وأصعب الحالات، وأهل السلطة فيه يحاولون بإجراءات خفية وضع اليد على ​الثروة النفطية​ التي هي ملك الناس، وحق من حقوقهم، ولهذا نحذّر من سرقتها، ونهبها، وتجييرها إلى حيتان المال".

ووجه سماحته خطابه "إلى الذين احتكروا ونهبوا المال العام"، فقال:"النفط خط أحمر، قد يحرق أصابعكم، فلا تقربوه، وعليه ندعوكم إلى وقف التصارع على المغانم النفطية، وتذكروا أن الدين العام تجاوز الـ84 مليار ​دولار​، والبطالة وصلت إلى أرقام قياسية، حيث لا وظائف، ولا فرص عمل، ونزوح سوري يُتاجر به ويُساوم عليه، وأيد عاملة أجنبية، ومآس لا تبدأ ب​الكهرباء​ ولا تنتهي ب​البيئة​، وأوضاع معيشية أرّقت حياة الناس وهم بانتظار الفرج الحكومي، فأي حكومة ستحظى بثقة اللبنانيين، طالما أنها ستكون حكومة حصص وأخصام ومحاور، وكل فريق فيها متربص بالآخر! وأي إصلاح نتوقعه إذا كان كل مسؤول على طبله ضارباً، وأي دولة ستقوم إذا كان كل طرف يشدّ بحبلها إلى غاياته ومصالحه، وهو ينادي بالوحدة، ويدعو إلى الشراكة، ويدّعي زوراً الحرص على الوطن".

اضاف قائلا: "نعم، كفى تزويراً للواقع وتشويهاً للحقائق، لأن من يهمه الوطن لا تعنيه الحصص، ومن كان قلبه على الناس لا يفاوض على المناصب، ومن يبغي الإصلاح لا يقيم الصفقات، بل يتنازل ويقدّم التضحيات، لأن الوطن ليس مجموعة أرقام وزارية ونيابية توزّع على هذه الطائفة أو تلك، أو على هذا الطرف السياسي أو ذاك، إنما هو مواقف وقامات وطنية ورجال دولة تعمل بالتكافل والتضامن من أجل الحفاظ على البلد، والنهوض به وحمايته، لاسيما في هذه المرحلة الحرجة، حيث الحاجة ماسّة إلى تليين المواقف وتخفيض الأحجام لا إلى تكبيرها، لأننا كلنا صغار أمام حجم الوطن ومصيره، فاسمعوا واعوا أيها الساسة قبل فوات الأوان، وتنازلوا عن كبريائكم قليلاً من أجل مصلحة لبنان".