يحاول حزب "القوات ال​لبنان​ية" بعيد الدخول في الربع ساعة الأخير من عملية ​تشكيل الحكومة​ تحسين نوعية الحقائب التي سيحصل عليها بعدما رست حصّته على نيابة رئاسة الحكومة مع وزارة دولة، وزارة التربيّة والثقافة والشؤون الاجتماعيّة. واذا كان الحزب اقتنع بأن لا غنى عن حصوله على احدى وزارات الدولة الـ3 المخصّصة للطائفة المسيحية، فهو يدفع باتجاه الحصول على وزارة الدولة لشؤون التنمية الاداريّة والتي تتولاها في حكومة تصريف الأعمال الوزيرة عناية عز الدين المحسوبة على حركة "أمل".

ويبدو القواتيون مقتنعون بحصولهم على وزارتي الثقافة والشؤون الاجتماعية، وهم يعتبرون أن إعادة الحقيبة الأخيرة اليهم رغم الحملة الكبيرة التي طالتهم مؤخرا واتّهمتهم بتحمّل الجزء الاكبر من مسؤولية أزمة النازحين السوريين، "دليل على أنّ كل ما تمّ الترويج له مؤخرا، مجرد افتراءات من احد الافرقاء، والا لما كان وافق على تسليمنا هذه الوزارة مجددا، خاصة واننا مقبلون على مرحلة حاسمة في ملف النازحين بعد قرار رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ وضع الموضوع على رأس جدول أعمال الحكومة الجديدة". وتضيف مصادر قياديّة قواتية: "حملة الافتراءات أصلا لم تقف عند عتبة وزارة الشؤون بل طالت وبشكل أساسي الوزارة التي انجزنا فيها الكثير وهي وزارة الصحة، ظنًّا انهم وبتكثيف حملاتهم قادرون على قلب الحقائق خاصة بعدما تبين للجميع، وباعتراف واقرار من بعض الأخصام السياسيين، أن آداء وزراء القوات كان الاكثر تميزا".

ولتعويض خسارتهم وزارة الصحة، يدفع القواتيون باتجاه الحصول على وزارة العدل، وان كانوا يرفعون سقفهم في المفاوضات من خلال المطالبة بالطاقة أو الاشغال، ليتمكنوا في نهاية المطاف من تحصيل العدل. وفي هذا المجال، تقول مصادر معراب: "قبل انتخابات 2018 كانت حصتنا في الحكومة نيابة رئاسة، وزارة صحة، شؤون اجتماعية واعلام، فهل نقبل بعدما توسعت كتلتنا النيابية لتبلغ 15 نائبا أن نرضى بأقل مما كان معنا"؟.

لكن طموح "القوات" بالحصول على "العدل" يقابله فيتو عوني، وبشكل خاص من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي لا يبدو جاهزا على الاطلاق للتنازل عن نيابة رئاسة الحكومة كما عن وزارة العدل لصالح "القوات". وتشير مصادر مطلعة على جوّ رئيس الجمهوريّة، الى أنه اذا وافق على التخلّي عن حقّه بنيابة رئاسة الحكومة للمرة الثانية على التوالي، فهو لا شكّ لن يقبل أن يتخلّى في الوقت عينه عن "العدل" التي يتولاّها حاليا الوزير المقرب منه سليم جريصاتي.

وقد توالى على هذه الوزارة منذ العام 2003 اي منذ عهد الرئيس السابق اميل لحود كل من سمير الجسر، بهيج طبارة، عدنان عضوم، خالد قباني، شارل رزق، ابراهيم نجار، شكيب قرطباوي وأشرف ريفي. وبالتالي فان مختلف الفرقاء توالوا عليها من دون أن تكون كوزارات أخرى حكرا على فريق أو طائفة معيّنة. الا أن ما قد يجعلها في المرحلة المقبلة احدى الوزارات التي ستخطف الأضواء، هو ترقّب صدور القرار النهائي للمحكمة الدوليّة التي تنظر في عمليّة اغتيال رئيس الوزارء اللبناني الأسبق ​رفيق الحريري​. وفي هذا الاطار، يوضح رئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية الدكتور بول مرقص أن "لا دور مباشر للوزارة بعد صدور القرار، انما دور غير مباشر من حيث الاحالات وصيرورة الطلبات بين ​المحكمة الدولية​ و​الدولة اللبنانية​"، لافتا الى أن "مذكّرة التفاهم الموقّعة بين الطرفين تلزم الوزارة السير بهذه الاجراءات التي هي بمعظمها ادارية غير تنفيذية، ما يجعلها بوابة ضرورية للمحكمة الى لبنان".

والأرجح أن ينتهي شد الحبال القواتي–العوني بموضوع "العدل" باحتفاظ الرئيس عون بالوزارة.