أكّد الموفد الرئاسي الفرنسي المكلّف متابعة تنفيذ مقرّرات مؤتمر "سيدر" السفير بيار دوكان، أنّ "تأخير تأليف الحكومة لن يلغي مقرّرات "سيدر"، ولكنّه قد يؤدّي إلى عدم تنفيذها"، موضحًا أنّ "الجهات المانحة لن تسحب تعهّداتها، إذ لديها رغبة كبيرة في مساعدة ​لبنان​ على نطاق واسع"، مطمئنًا إلى أنّ ""سيدر" ليس عقد زواج قابل للطلاق".

وركّز خلال جلسة صحافية على "أنّنا سنواصل المهمّة، خصوصًا أنّ لبنان في وضع طارئ ويحتاج إلى إصلاحات، وبموجب "سيدر" سيُمنح 11 مليار دولار إذا تمّت هذه الإصلاحات والمشاريع"، مشدّدًا على أنّ "​الحكومة الفرنسية​ لا تضغط على ​الدولة اللبنانية​ ذات السيادة لتنفيذ "سيدر"، لكنّها تردّد نصيحة ودّية على مسامع هذا وذاك بأنّ تنفيذه من مصلحتكم".

ونوّه دوكان إلى أنّ "لبنان قد أضاع 6 أشهر، ولا يمكن أن نسمح لأنفسنا بخسارة 6 أشهر إضافية، فتشكيل حكومة جديدة هو المبادرة الأكبر، ولكن يجب التحضير لهذا اليوم، وهناك الكثير من الخطوات الممكن إتمامها"، مشيرًا إلى أنّ "قبل انعقاد "سيدر"، إنصّب الإهتمام على منح ​المجتمع الدولي​ إشارات إيجابية تُظهر أنّ الطبقة السياسية اللبنانية مدركة وواعية. أمّا حاليًّا فالأمر يتعلّق بكلّ بساطة باستقبال الإستثمارات في القطاعات المعنية، للبدء بالتنفيذ".

وألمح إلى أنّ "آليات التنفيذ في لبنان بطيئة ومعقّدة"، متسائلًا: "هل من الضروري أن تخضع كلّ اتفاقية تمويل مشروع لقانون خاص بها"، لافتًا إلى أنّ "الحكومة تطلب مساعدة المجتمع الدولي وتوقّع اتفاقات المشاريع الّتي يوافق على تمويلها قبل أن تحصل على موافقة البرلمان، ما يجعل طلبها للمساعدة واستجابة ​الدول المانحة​ قابلين للمماطلة أو حتّى للرفض، وهذه مفارقة"، موضحًا أنّ "إقرار المشاريع يمكن أن يستغرق أشهرًا أو حتّى سنوات".

واستذكر دوكان "بيان "سيدر" الّذي يؤكّد أنّ ​الحكومة اللبنانية​ وبدعم من المانحين والمستثمرين تخطّط لتبسيط إجراءات اعتماد المشاريع والموافقة عليها وتنفيذها، مستفيدة من التمويل الخارجي"، مشدّدًا على أنّ "تنفيذ هذا البند يصبّ في مصلحة لبنان"، مبيّنًا أنّ "عقد "سيدر" قبل ​الإنتخابات النيابية​ اللبنانية كان خيارًا صائبًا، خصوصًا أنّ بعدها لم يكن هناك حكومة"، لافتًا إلى أنّ "بعض الخطوات الممهّدة للبدء بتنفيذ ورقة "سيدر" نُفّذت، ومنها اعتماد قانون للمياه وإقرار ميزانية 2019، في حين يُنتظر غيرها من مبادرات فعّالة".

كما دعا إلى "التفكير ببرنامج الإصلاح وتصنيف المشاريع الّذي يمرّ بانتقاء الأكثر أهمية من بينها لتنُفّذ أوّلًا. وعن وضع لبنان، ركّز على "أنّنا في عجلة وفي وضع طارئ ولكنّنا لسنا في كارثة أو أزمة"، مؤكّدًا "أهمية حصول لبنان على المساعدة الدولية وإتمام الإصلاحات. يجب مساعدة لبنان، ونحن نستمرّ في التفكير بذلك، ولكن نحرص على أن تُصرف الأموال بالشكل الصحيح".

وأفاد بأنّ "​فرنسا​ تشعر بخيبة أمل، لأنّها كانت تنتظر أن يتّفق المسؤولون اللبنانيون عقب "سيدر" في وقت وجيز"، كاشفًا أنّ "ما يريح كثيرون هو اقتناعهم بأنّ "لبنان هكذا"، في حين يرى غيرهم أنّه غير قابل للإصلاح"، منوّهًا إلى أنّ "جميع الأفرقاء في لبنان متوافقون على أهمية "سيدر"، ويطالبون حاليًا بتنفيذه، فلا أحد يرفض أو ينكر أهمية الاصلاحات، ولا يدور أي جدل حول جوهرها".

وأعلن دوكان أنّ ""سيدر" تحوّل إلى عقد ثقة جديد بين لبنان والمجتمع الدولي"، مذكّرًا بأنّ "إعلانه تطلّب الكثير من العمل وقد نصّ على أنّ الحكومة اللبنانية وبدعم من المانحين، ملتزمة بتحقيق هدف طموح وهو تعديل ميزانية الناتج المحلي الإجمالي بخمس نقاط خلال السنوات الخمس المقبلة، وذلك باستخدام مزيج من الخطوات والوصفات بما فيها زيادة ​الضرائب​، ومراقبة الإنفاق مثل تخفيض التحويلات إلى ​كهرباء لبنان​".

وشدّد على أنّ "​الكهرباء​ هي أوّل قطاع للإصلاح من ناحية الأهمية"، لافتًا إلى أنّ "الهدف هو تأمينها 24/24 ساعة، وخفض الإنفاق عليها لخفض العجز العام، فيربح الجميع"، موضحًا أنّ "الإصلاحات هي تأمين إدارة جيدة لكل قطاع مستهدف"، مشيرًا إلى أنّ "أبرز وسيلة على طريق الإصلاح تكمن بإنشاء موقع على ​الإنترنت​ ليتمكّن الناس من متابعة سير المشاريع وتمويلها ومراحل تطورها، حفاظًا على الشفافية".