أشارت صحيفة "الخليج" الاماراتية الى أن "قضية أزمة ​المياه​ التي يعانيها ​العراق​ تحولت في الوقت الحاضر الى الهاجس الابرز للمواطن خاصةً أنه يعتمد عليها في حياته اليومية، بعدما بدا أن الدول المجاورة للعراق ترغب في استخدام هذه القضية سلاحاً سياسياً، هدفه ابتزاز بغداد، التي بدأت القوى السياسية فيها بمعالجة التشظي الذي أفرزته نتائج ​الانتخابات التشريعية​ في أيار الماضي، أنتجت تفاهمات، أدت إلى انتخاب الرئاسات الثلاث، والمتمثلة في البرلمان والدولة والوزراء، وبالتالي منحت الساحة العراقية زخماً جديداً وأملاً في الخروج من أزمة طاحنة تسحق البلاد منذ سنوات".

ولفتت الى أنه "وفي خضم انشغال العراقيين في مواجهة استحقاقات المشهد السياسي والاقتصادي، كان ل​إيران​ و​تركيا​ دور أكبر في معركة المياه، خاصة النظام الإيراني، الذي بات يستخدم ورقة المياه في الضغط على ​الحكومة​ لتمرير مشروعه في المنطقة، الهادف إلى إبقاء العراق تحت هيمنة دول الجوار، بعدما صارت ​طهران​ تتدخل بشكل واضح وفاضح في الشؤون الداخلية للعراقيين"، مشيرا الى أن "سياسة "تعطيش العراق" ليست جديدة، فإيران تمارس هذه السياسة منذ عقود، وقد وجدت في المشهد المرتبك بعد خروج الاحتلال الأميركي على إثر إسقاط نظام الرئيس صدام حسين، فرصة لإعادتها من جديد، فالمياه التي تضخ من الأراضي الإيرانية نحو محافظات ​البصرة​ وميسان وذي قار و​ديالى​ وإقليم كردستان، دائماً ما يتحكم بها الجانب الإيراني، وبالتالي وجدت طهران الضعف القائم في السلطة العراقية خلال السنوات الماضية فرصة لإعادة لعبتها المدمرة في عراق ما بعد صدام، من خلال حرمان مناطقه وبلداته من المياه، وصولاً إلى خلق بيئة ضاغطة على السلطة في بغداد وإبقائها في فلك المشروع الذي تتبناه طهران".

وأضافت: "لا ترغب إيران في مساعدة العراقيين للخروج من أزمتهم الطاحنة، وغايتها تكبيلهم بمزيد من الأعباء الاقتصادية، وتأتي سياسة التعطيش التي تتبعها من خلال قطع المياه عن بعض مدنهم، إضافة إلى وقف تزويدها بالكهرباء، في إطار خطة لإخضاع القرار السيادي العراقي لهيمنتها، وبالتالي ضمان عدم إضاعة ما حققته من مكتسبات خلال السنوات السابقة على الساحة العراقية".

ورأت أنه "من هنا يمكن فهم تحرك رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، نحو تركيا، الذي هدف إلى انتزاع موقف منها لزيادة ضخ المياه إلى العراق؛ حيث أبدت ​أنقرة​ موقفاً إيجابياً بالوعد بزيادة ضخ المياه إلى العراق، وهو ما يخفف من الضغط الذي تمارسه طهران في هذا الملف"، مشيرة الى أن "السلطات العراقية تحتاج الى رؤية واضحة ومقاربة شاملة في التعاطي مع سياسة إيران في تعطيش البلاد مائياً، ومعالجة هذه القضية التي تشكل تهديداً للأمن القومي العراقي، وتؤثر في حياة قطاع واسع من الشعب الذي يعتمد على المياه في حياته اليومية، كما أنه ينزع ورقة ضغط كبيرة تمارسها طهران على الحكومة للحصول على مكاسب تمس بهوية العراق وسلخه من محيطه العربي".