بعد رصد مضن لتطور حالة الفكر والمفكرين في مجتمعنا العربي يتضح اننا بتنا نواجه ازمة حقيقية في الفكر والفكره فالفكر بالاجمال يبقى الاساس في نشوء الفكره لتصبح عباره عن مبادئ يُعمل على تجيير الجهود الرامية الى ترجمتها وتنشأ معها وظيفة اجتماعية للمثقف يفترض أنها حيّز من الثقافة وشكل من أشكال حراكها المفترض وبمقتضى ذلك الافتراض لا تكون وظيفة المثقف فكرية أو معرفية فحسب وإنما اجتماعية تعمل على تفعيل وتصوب الوعي في المجتمع والانشغال بالقضايا العامة والمشاركة في تفاعل الرأي والموقف والانحياز لجهة التحرر من الاحتلال والاستبداد ولرفع الظلم والمظلومية اللاحق بالشعوب المقهورة أو العمل لصالح الشعوب المهمَّشة والفقيرة والنضال ضد الرأسمال والسلطة الجائرة التي تعتمد مبدأ اللامساواة والقمع.

المفكرون المثقفون في الوطن العربي انصرفوا في ما مضى إلى النضال من أجل دعم حركات التحرر الوطني في وجه الحكم العثماني ثم ضد الاستعمار الفرنسي البريطاني لبلادنا العربيه في الجزائر ومصر والسودان وليبيا وسوريه والعراق ثم تحول الفكر العربي الى البحث عن السبل الكفيلة ترجمة عصارة الفكرة التي انتجت المبادئ النضالية لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي ومواجهة الليبرالية المتوحشة التي تقف عائقاً بوجه تحقيق مبدأ المساواة بين مختلف طبقات المجتمع وضد القمع السياسي للحريات التي تحوُل في منع الشعوب من المضي في تحقيق حرية تقرير مصيرها..

الغرب لجأ الى وتوظيف الفكر التثقيفي في السياسات الدولية لخدمة المصالح الغربية الصهيونية فيما نحن العرب وظفنا الفكر التثقيفي في خدمة التزمت الديني المتخصص في نبش خلافات فقهية زاد عمرها عن 1447 سنه او في توظيف الفكر لخدمة مشروع الحاكم حتى لو كان حاكماً فاسداً ما اصاب الفكر التثقيفي العربي بالعقم ونضوب الانتاجية.

لقد سادت في الوطن العربي موجة توظيف او شراء للفكر ومصادرة الفكرة حتى بلغ الامر الى تضخيم قيمة شراء و استثمار المفكر وفكرة والمثقف العربي كل حسب تأثيره في مجتمعه بيد ان المؤلم هو ان هذه الموجة لاقت رواجاً لا سابق لها عند معظم المفكرين او المثقفين العرب وذلك اما طمعاً في كسب المال او خوفاً من قمع الحكام او سعياً للفوز بمنصب عند الحاكم او بالخنوع لمشيئة المشروع الغربي الصهيوني حتى وان كان المشروع يتطلب بيع الضمير الانساني وتخريب المجتمع وهذا ما اسهم في افقار معنى الالتزام بقضيايا ومصالح الشعوب الامرالذي ساد بين معظم المفكرين والمثقفين العرب ردحاً من الزمن.

وفي نظرة الى مآلات تطور حال الفكر والمفكرين العرب سرعان ما نكتشف حال من الانكفاء او نضوب الانتاجية الذي اصاب معظم المفكرين ممن اعتبروا في خانة الباحث المنتج للفكرة التي من شأنها تصويب الهدف والجهد والعمل لترجمة مبادئ الفكرة الهادفة لاننشال المجتمع من حالة انحراف البوصلة خاصة بعد اجتياح بلادنا العربية ما سمي بالربيع العربي واعتلاء الحركات الدينية للمشهد السياسي على الساحة العربية.

ان الغرب عموماً والعدو الاسرائيلي خصوصاً ادرك عدم امكانية عودة القوه العسكريه الاسرائيلية الى ما كانت عليه في العام 1967 والعام 1973 و 1978 والعام 1996 كما اصابه اليقين التام باستحالة تحقيق اي نصر في حرب عسكرية مقبله في المنطقة وخاصة في سوريه الامر الذي حرم العدو من المناورة ومن فرض اجندته وشروطه كما تعود سابقاً فالفكرة الغربية الاسرائيلية السائدة اليوم هي التحول من المواجهة من حرب عسكرية ميدانية الى حرب العقول وحرب تدمير ممنهج للفكر العربي المنتج باللجوء الى ممارسة الحرب النفسية والتكنولجية وحتى بالحرب على البيئة الحاضنة للمقاومة و للفكر القومي المنتج.

مما لا شك فيه ان الفوضى العارمة وحال التخبط والشلل الفكري الذي اصاب المجتمع العربي هو نتاج فكر وفكرة غربية صهيونية الهدف منها كي الوعي العربي وضرب البنية الفكرية العربية التي تختزن مبادئ النضال والكفاح من اجل تحرير اوطاننا العربية من سطوة الاحتلال الاسرائيلي وبالتالي من سطوة السيطرة المالية والعسكرية الغربية على اوطاننا.

من الاخطاء العربية الفادحة المرتكبة عن قصد او عن غير قصد كان الركون او في الاعتماد على الكثير من المفكرين والمثقفين في المبادرة الى انتاج الفكر العربي وتظهير الفكرة التي من شأنها اعلاء الصوت للتنبيه من خطورة انحراف البوصلة او التلهي بتصفية حسابات او اختلافات فقهية والدخول بمتاهات مذهبية لا طائل منها والتأكيد على ضرورة التصويب نحو اتجاه البوصلة و الهدف الاساس نحو الاحتلال الاسرائيلي وتجيير كل الجهود لافشال مشاريع العدو المعده سلفاً بهدف تمزيق مجتمعاتنا واوطاننا العربيه للحؤول دون تحويلنا من مجتمع متكامل الى قبائل طائفية مذهبية متناحره ولمئات السنين.

هناك طبقة من المفكرين المثقفين في المجتمع العربي كنت قد حسبتها قدوة في ادراك المخاطر المؤثرة ومثالاً في الحفاظ على المبادئ و التوجيه نحو الالتزام بمناصرة قضايا التحرر العربي ومناهضة الاحتلال الاسرائيلي والعمل على مواجهة مشاريع اعداء الامة والتشبث بالانتماء الوطني لكن ومع اشتداد الازمات برزت على تلك الطبقه اعراض مرض العظمه او عقدة الانا ناهيك عن داء لوثة الاغتناء المفاجئ الامر الذي اصابني بالهول من حال الانحراف والتحول والضرر الذي لحق بفكر هذه الطبقه.

ان حال الاحباط التي اصابتنا هي ليس في قلة المفكرين والمثقفين في المجتمع فالمجتمع العربي غني برجال ونساء الفكر وبالمثقفين والمثقفات الذيين كتبوا وحاضروا وعلموا ودرٌسوا و روٌجوا في المعاهد والجامعات لفكرة الانتماء للوطن والعداء لاعداء الامه لكن ومع دخول المنطقة العربية حال الفوضى الناتجة عن سيطرة التنظيمات المتأسلمة وفروعها من تنظيم الاخوان وداعش ومسميات اخرى على الساحه العربيه فوجئنا بانقلاب الكثير من المفكرين ليصبحوا تجارا في ترويج مناصرة هذا المذهب او ذاك بهدف الغاء حالة الوعي والانتماء للهوية العربية والانتماء للعقيده الاساسية بعد ان تخلوا عن حس الانتماء الوطني واضحى الكثير منهم خدماً عند اعداء الامة في الترويج لفكرة المصالحة والغاء فكرة العداء للمحتل الاسرائيلي واظهار العداء لكل من يناهض العدو ومشاريع الغرب الهدامة لاوطاننا.

لا غلو في القول ان الكثير من المفكرين اصحاب العلم والمعرفه ومن مختلف الاختصاصات من حاملي شهادات الفكر والمبادئ الوطنية قد تحول بقدرة قادر او بقدرة تأثير الدولار الوهابي الى انسان شديد التعصب لمذهبه او طائفته منقلباً على ماضيه النضالي وصار محرٌفاً للبوصلة مروجاً لثقافة المال والدولارات النفطية مناهضاً للوطن وللحزب او لحركات المقاومة ضد العدو الاسرائيلي اولئك هم الذين وقعوا تحت تأثير لوثة غسل العقول والغلو بالدين والتمذهب وبالتالي تعطيل الفكر المنتج والترويج للتقوقع بحجة ان هذه المقاومة هي مقاومة تخص مذهباً معيناً متناسين ما ححقته تلك المقاومة من انتصار على العدو الاسرائيلي واستعادة للعزة والكرامة للامة العربية.

ان حال المعاناة التي تواجه الفكر العربي في مجتمعنا توجب علينا ضرورة ايجاد السبيل الايلة الى اعادة تفعيل المدرسة الحزبية العقائدية الهادفة الى تنمية حركة التطور في الفكر القومي والخروج من جلباب التمذهب اوالتقوقع والعمل على ترجمة فكرة الجبهة القومية الموسعة ودعوة كل حركات المقاومة بكل اطيافها واتجاهاتها للانضواء فيها وصولا الى تشكيل الدرع الواقي الحامي لمجتمعنا العربي المقاوم المفعٌل لمبادئنا القومية خارج الاطار الديني لتكون السد المنيع بوجه اي امكانية للعدو من خلق فجوات او ثغرات تمكنه من تخريب البيئة الحاضنة للمقاومة او للمجتمع القومي كما يتوجب علينا التوجه نحو اعادة تفعيل حال الوعي الحقيقي في تحديد البوصله باتجاه العدو الاسرائيلي وذلك لاعادة تفعيل الوزن العربي ولانقاذ من بقي من اصحاب الفكر محافظاً على مبادئه وعلى فكره القومي المنتج ولانقاذ اجيالنا من الانحراف الفكري والعقائدي.