بقليل من الكلام عن الحكومة وحقائبها وكباشها وبكثير من الكلام عن تفاهم معراب الذي سبق أن نعاه في الأشهر القليلة الماضية رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​، عقد لقاء ميرنا الشالوحي بين باسيل والنائب ​ابراهيم كنعان​ مع وزير الإعلام ​ملحم الرياشي​ موفداً من رئيس ​حزب القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​. لقاء وبحسب المعلومات، توافق الفريقان على عقده بعد إنتهاء عمليّة شد الحبال الحكومي على الحقائب، وما شهدته من حروب إعلامية بينهما على صفحات التواصل الإجتماعي وشاشات التلفزة. لقاء تقول المصادر المشاركة به إنه "لن يكون الأخير وستشهد الأيام المقبلة سلسلة من اللقاءات المكمّلة له بين التيار والقوات، كل ذلك لأن الفريقين توصلا الى قناعة بإعادة وصل ما إنقطع على صعيد علاقتهما تارةً بسبب التنافس الإنتخابي النيابي، وتارةً أخرى بسبب أكثر من ملف على طاولة ​مجلس الوزراء​ ولا سيما ملف بواخر توليد ​الطاقة الكهربائية​".

أبرز ما تم الإتفاق عليه بين طرفي تفاهم "أوعا خيّك" هو أن الحكومة المقبلة يجب أن تكون حكومة منتجة لا حكومة متاريس وعرقلات ومزايدات كما حصل في عهد ​حكومة الحريري​ الثانية، وفي هذا السياق يقول أحد المشاركين في اللقاء، "لقد ذهب الإتفاق أبعد من الحكومة المقبلة ليجدّد التأكيد بأن العهد هو عهد الفريقين وعهد الجميع، ونجاحه يجب أن يكون للجميع كما أن فشله سيلحق الضرر بالجميع، واللبنانيون لم يعد بقدرتهم أن يتحملوا مزيداً من الإنهيار الإقتصادي، فالملفّات الضاغطة تضغط على الجميع وعلى الجميع التكاتف للتوصل الى حلول.

حكومياً سأل الرياشي خلال اللقاء عن موقع نائب رئيس الحكومة، فكان الجواب من باسيل إيجابياً لناحية أن رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ هو الذي تنازل عن الموقع للقوات والتيار لم يكن ممانعاً لذلك. وعندما طرح موفد جعجع أكثر من سؤال عن الحقائب الأخرى سمع جواباً واحداً فقط بأن ​وزارة العدل​ ستكون من حصة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، وأحيل على رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ للبحث معه بمصير الحقائب الأخرى لتي تريدها معراب في التشكيلة الحكومية المنتظرة.

إذاً، جرعة من الإيجابية في العلاقة أراد التيار والقوّات بالتكافل والتضامن ضخّها في عروق تفاهم معراب بهدف إحيائه، ولكن ما اتّفق عليه شيء وما سيترجم فعلياً على الأرض مرهون بالتطوّرات المقبلة وبمدى التزام الفريقين بهذه الإيجابية والتهدئة، لأن الإشكالات الجامعيّة التي حصلت في الآونة الأخيرة بين مناصري الفريقين، وما تبعها من حملات وإتهامات في ذكرى الثالث عشر من تشرين الأول ١٩٩٠، أعادت عقارب التوتر الى الوراء، الى زمن الحرب وأرشيف الدم الذي لجأ اليه الفريقان، وكأنهما لم يتّعظا بعد من الحرب وما جنته للمسيحيين من ويلات وخسائر جعلت التيار والقوات كما الأحزاب الأخرى خارج اللعبة السياسيّة وخارج الدولة ومؤسساتها.

فهل يمهّد لقاء ميرنا الشالوحي للقاء بين باسيل وجعجع؟ وهل يكون في القصر الجمهوري برعاية "بيّ الكل؟.