بدأت "العقوبات" الاميركية الموعودة "بالتساقط" على ​إيران​ قبل أن تبلغ ذروتها بداية الشهر المقبل، اذ أصدرت ​وزارة الخزانة الأميركية​ قراراً يوم الثلاثاء الماضي يقضي بفرض عقوبات جديدة على أكثر من 20 كيانا ومؤسسة في إيران، تعمل أغلبها في مجال صناعة السيارات والتعدين إضافة للقطاع المصرفي.

توضح هذه الرزمة الجديدة من العقوبات السياسة المتبعة من قبل إدارة الرئيس الحالي ​دونالد ترامب​، واختلافها عن تلك التي كانت تضعها إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، إذ انها شملت بنك "بارسيان"، وهو مصرف تابع للقطاع الخاص في إيران ورائد في العلاقات الحيوية مع الإتحاد الأوروبي، خصوصاً القطاع الإنساني مثل ​الأدوية​ وما شابه.

ليس مخفيا على أحد نوايا ترامب بخنق الاقتصاد الإيراني حتى الموت، ولكن بهذه الخطوة المستجدة يبدو أن ترامب يعمل بجهد على "خنقها" إنسانيا، ما يقدم لنا دليلا إضافيا على أن العقوبات ليست على الحكومة الإيرانية بقدر ما هي على الشعب الإيراني، والمجتمع الإيراني الذي سبق وأن كان له تجربة رائدة في الصمود، وبالتالي فإن الهجوم على الشعب هدفه معلوم وهو تقليب الرأي العام الإيراني على حكومته ونظامه.

اما عن سبب فرض العقوبات على هذا المصرف الخاص تحديدا، فتكشف مصادر مطلعة أن "التهمة الأساس لبنك بارسيان هو التعامل مع ​الحرس الثوري الإيراني​ وتحديداً ​فيلق القدس​، ما يعرّض أي شخص أو كيان يتعامل مع هذا المصرف لعقوبات ماليّة، إضافة للشركات المتعددة الجنسيات التي كانت ترى بهذا النوع من المصارف باباً للدخول إلى السوق الإيراني"، مضيفة "هذا القرار يرفع حدّة القلق في القطاع المصرفي الإيراني، إذ أنه يختلف عما كان يصدر في السابق، فهذه المرة الأولى التي يتعرض فيها بنك بارسيان للعقوبات".

وأعربت هذه المصادر عن استغرابها من أن "هذا القرار الأميركي جاء مباشرة بعد توقيع البرلمان الإيراني على اتفاقية FATF الدولية والتي تحرص على منع غسيل الأموال، أو دعم الإرهاب"، لافتة إلى أن "هذه الخطوة الأميركيّة ستعرقل العمل الإيراني والتقدم الحاصل في مجال خطط العمل المالي وفق FATF"، لتكون هذه المسألة ضربة لخطط إيران بالعمل مع الدول الاوروبية وتعزيز الشفافية المالية تحضيرا لعمل اقتصادي أكبر من روسيا والصين".

إلى جانب بنك باسارجاد، بنك الشرق الأوسط، وبنك سامان، كان بنك بارسيان من بين المؤسسات المالية الإيرانية القليلة التي تعكس المعايير الخاصة بمتطلبات مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال ومكافحة إجراءات تمويل الإرهاب، وبالتالي، بعد القرار الأميركي ستضع هذه المصارف نقاط استفهام إذ انها تنفذ الشروط الغربية دون أن تلقى أصداءً، فهي تُخضع نفسها لكل المعايير الاقتصادية والامنية ولا تجد سوى مزيدا من العقوبات، ما يُعرض تعاون كل المصارف مع "قضايا" غسل الأموال للخطر.

وفي هذا السياق تلفت المصادر النظر إلى أن "هذه العقوبات إضافة لارتفاع سعر الريال الإيراني مقابل الدولار، أدت لأزمة قوية في قطاع الأدوية في إيران"، مشيرة إلى أن "الجزء الأكبر منها تتم صناعته في إيران، إلا أن بعضها وتحديدا ذلك المختص بأدوية السرطان والامراض المستعصية يتم استيراده من أوروبا، الامر الذي سيصبح صعبا بعد فرض هذه العقوبات على المصارف المسؤولة عن عملية التعامل المالي مع القارة العجوز. وللدلالة على خطورة الموقف يكفي القول أن أحد أدوية السرطان كان سعره قبل الأزمة المالية 158 ألف تومان (1580000 ريال إيراني)، أما اليوم، وبسبب ارتفاع سعر الدولار بات سعره 560 ألف تومان (5600000 ريال إيراني)".