"أنا لدي حلفاء لا يتركونني ولا يطعنونني"... كرّرها رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ أكثر من مرّة في اطلالته التلفزيونية الأخيرة. وهو وان كان ردّد العبارة في سياق الحديث عن الملفّ الحكومي، الا أنه لم يتردد بتوجيه الرسائل رئاسيًّا أيضًا. فزعيم بنشعي يبدو واثقا بأن أمين عام حزب الله ​السيد حسن نصرالله​ الذي وصفه بـ"نور العين" وقال عشيّة ​الانتخابات الرئاسية​ الماضية أن العماد ​ميشال عون​ عين وفرنجية العين الثانية، قطع له وعدا ولو بشكل غير مباشر بدعمه في المعركة الرئاسيّة المقبلة في العام 2022 والتي باشر الزعماء الموارنة الاستعداد لها رغم انكارهم ذلك مرارا. فما في العلن هو غير ما في الكواليس، وما أمام عدسات الكاميرات هو غير ما ورائها، وان كان لا يزال يفصلنا عن الاستحقاق الرئاسي المقبل 4 سنوات.

صراحة فرنجيّة مؤخّرا فضحته، كما دائما. ولم ينجح رئيس "المردة" باخفاء حماسته واستعداداته المبكرة. فالمعركة بالنسبة اليه أشبه بمعركة حياة أو موت لأنّ التنازل عن الرئاسة لمصلحة عون شيء ولصالح رئيس التيّار الةطين الحرّ وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ أو رئيس "القوات" ​سمير جعجع​ شيء آخر تماما، سيعني بما لا يقبل الشك خسارة لا توازيها أيّ خسارة أخرى، قد تهدّد حتى باغلاق بيت فرنجية السياسي.

وكما ردّ فرنجية نجاح الرئيس عون بالوصول الى قصر بعبدا الى دعمه من قبل حزب الله، فكذلك يتطلّع الى تجيير هذا الدعم له في العام 2022 ما سيعبد بوقتها طريقه الى القصر الجمهوري.

لكن ما في بنشعي شيء وما في حارة حريك شيء آخر. فسّيد حزب الله الذي لم يتردّد باعلان دعمه الكامل لفرنجيّة في الموضوع الحكومي، وبالتحديد لجهة الضغط باتجاه ابقاء وزارة الاشغال من حصّته، كان ولا يزال يحرص كل الحرص على عدم السماح لأيّ طرف وبخاصة "الوطني الحر" بكسر فرنجية، وان كان الحزب لايربط ذلك حاليًّا بالمعركة الرئاسيّة انما بحلفه الاستراتيجي مع رئيس "المردة". فبحسب مصادر مقرّبة من الحزب فان الامين العم لحـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لم ولن يعطي أي كلمة أو وعد لأي من الشخصيات المارونية بموضوع الرئاسة المقبلة قبل دنوّ موعد الاستحقاق، لافتة الى ان اطلاق اي موقف في هذه المرحلة ضرب من الجنون يؤدّي الى زعزعة العمل السياسي في البلد وضرب أي انتاجية مرتقبة للحكومة الجديدة. وتضيف المصادر: "حزب الله وبالعكس تماما يسعى لأن يتم استيعاب الخلافات الحاليّة لضمان سلاسة في العمل الحكومي تنعكس ايجابا على حياة المواطنين الّذين ملّوا المناكفات السياسية، التي لا تعود عليهم الا بالأزمات على الصعد كافة وبخاصة بالملفّ المعيشي والاقتصادي".

ولا يحبّذ حزب الله عودة الثنائية المسيحية القواتيّة–العونيّة، ويحرص، بحسب المصادر، على التنوّع في الساحة المسيحيّة، لذلك حاول في الاسابيع الماضية لعب دور ما لضمان تمثيل "الكتائب اللبنانيّة"، وان كان لم يُسجّل أيّ تواصل مباشر بين الفريقين. وتضيف المصادر: "الثنائية تخدم جعجع في المعركة الرئاسيّة المقبلة، أما التنوع المسيحي فيخدم فرنجيّة وباسيل على حدّ سواء".

بالمحصّلة، قد يصحّ القول بأنّ هناك من يبالغ بربط كلّ الملفّات بالرئاسة المقبلة، الا أنّ ما هو حاسم، فهو مبالغة من يعتقد أن هناك بين الزعماء الموارنة من يضع سياساته ويصيغ تحالفاته بعيدا عن الحسابات الرئاسيّة.