عرض سلطان عُمان قابوس بن سعيد ورئيس دولة ​فلسطين​ ​محمود عباس​، أمس (الاثنين) في قصر البركة في العاصمة مسقط، آخر التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، في ضوء محاولات تصفيتها، وليس آخرها إعلان الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ونقل سفارة بلاده من ​تل أبيب​ إليها.

وطغت الحفاوة على اللقاء بين الزعيمين، اللذين بحثا "قانون اليهودية" العنصري، و​الإستيطان الإسرائيلي​ والاعتداءات والممارسات التعسفية التي لا تستثني بشراً ولا حجراً، هذا فضلاً عن العلاقات الثنائية التي تربط الجانبين والسعي إلى تعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين العُماني والفلسطيني.

ومساءً عقد لقاء ثانٍ منفرد ومطول بين السلطان قابوس والرئيس عباس، قبل أن يقيم السلطان قابوس مأدبة عشاء على شرف الرئيس عباس والوفد المرافق.

ويشعر الرئيس الفلسطيني بكثير من الارتياح لدى زياراته، المتكررة، إلى السلطان قابوس.

وينقل من يرافق الرئيس الفلسطيني في زياراته، حرصه على الاستماع إلى آراء السلطان قابوس، المتصفة بـ"الحكمة والدراية والمعرفة ببواطن الأمور التي اكتسبها على مدى سنوات حكمه الـ48، فضلاً عن مكانة القضية الفلسطينية التي تحتل مرتبة الصدارة لدى السلطان قابوس".

وتأتي أهمية هذه الزيارة الرسمية التي تستمر 3 أيام، في لحظات دقيقة وحساسة، تستهدف القضية الفلسطينية بمشاريع متعددة بهدف تصفيتها.

حضر اللقاء عن الجانب الفلسطيني: أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" ​اللواء​ جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ​ماجد فرج​ وسفير دولة فلسطين لدى عُمان تيسير جرادات.

وكان الرئيس الفلسطيني قد وصل أمس الأول إلى ​سلطنة عمان​، حيث استقبله مستشار السلطان شهاب بن طارق آل سعيد، والوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبد الله، والسفير الفلسطيني جرادات.

والتقى الرئيس عباس وزير الشؤون الرياضية العماني الشيخ سعد بن محمد السعدي ورئيس الاتحاد العماني ل​كرة القدم​ الشيخ سالم الوهيبي.

ويحفظ الفلسطينيون في قلوبهم، للسلطان قابوس وسلطنة عمان مكانة مميزة، نظراً إلى العلاقات المتميزة، والتقديمات والمساعدات التي تقدمها سلطنة عمان إلى القضية الفلسطينية وأبنائها على صعد عدة، وفي الطليعة منح للطلبة الفلسطينيين.

وكان وفد عُماني برئاسة الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في السلطنة يوسف بن علوي بن عبدالله، أول من قام بزيارة فلسطين، وضمنها جولة في ​مدينة القدس​، يوم الخميس في 16 شباط 2018، في رسالة دعم عربية لصمود المقدسيين بمواجهة الإحتلال الإسرائيلي، حملت أكثر من دلالة.

وشملت الجولة الحرم القدسي الذي يضم المسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة، كما كنيسة القيامة في القدس المحتلة.

وهي زيارة تاريخية ونادرة لمسؤول عربي إلى القدس، تأكيداً على أنّ المدينة المقدّسة بمعالمها الإسلامية والمسيحية هي عربية، وعاصمة لدولة فلسطين.

وقدّم الوزير بن علوي هديتين من البخور العُماني إلى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.

أوردت وكالة الأنباء العمانية، تقريراً عن العلاقات بين عُمان وفلسطين، أكدت فيها على "الأهمية التي تمثلها القضية الفلسطينية بالنسبة للسلطنة دولة وشعباً، وهو ما أكدته المواقف العمانية والعلاقات العمانية - الفلسطينية أيضاً، ودلالة عميقة بأن يؤكد السلطان قابوس بن سعيد، منذ عقود وسنوات عديدة، على وقوف السلطنة الدائم والحازم مع القضايا العادلة، وفي طليعتها قضية الشعب الفلسطيني الذي يعمل من أجل استرداد حقوقه وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، إيماناً بحق الشعب الفلسطيني في العيش في أمن وسلام في اطار دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران/يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ويقيناً أيضاً بأن السلم و​الأمن​ والاستقرار لا يمكن أن يتحقق لطرف على حساب آخر، بل أن ضمان للسلام والاستقرار والأمن، هو أن يكون عادلاً ومتوازناً، وهو ما سعت وتسعى اليه القيادة الفلسطينية برئاسة رئيس دولة فلسطين محمود عباس، من خلال المطالبة بتطبيق حل الدولتين، الذي أيدته السلطنة والدول العربية والمجتمع الدولي".

وأضافت في تقريرها: "إن السلطنة أكدت على نحو واضح وبالغ الدلالة على أهمية وضرورة العمل من أجل استئناف الجهود الخاصة بحل الدولتين، وإقامة ​الدولة الفلسطينية​ المستقلة، خاصة وأن الفشل في تحقيق ذلك لأي سبب من الأسباب، من شأنه تعزيز فرص ​العنف​ وزيادة عدم الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية التي تواجه في السنوات الأخيرة تحديات ومخاطر عديدة. ".

وأشار الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبدالله في كلمة السلطنة أمام الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 سبتمبر الماضي إلى أن "السلم من وجهة نظرنا يعتبر ركيزة أساسية للاستقرار والتنمية، وأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لمنطقة الشرق الأوسط، وأن تعاون المجتمع الدولي لإيجاد بيئة مناسبة تساعد على إنهاء الصراع أصبح ضرورة استراتيجية ملحة ويعتقد أن الظروف القائمة حاليًا رغم صعوبتها وتوقف الحوار باتت مؤاتية لإيجاد بيئة لنقاشات إيجابية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل إلى تسوية شاملة على أساس حل الدولتين، حيث إن عدم قيام الدولة الفلسطينية يؤدي إلى استمرار العنف".