بادرت البلديات في اكثر من مكان لإيجاد الحلول الحديثة لمشكلة ​النفايات​ في نطاقها الجغرافي، فانتظار التحرك الرسمي على مستوى "الدولة" قد يطول. من هنا ابتكرت بلدية ​دير الزهراني​ طريقة جديدة لتحفيز السكان على فرز النفايات.

يعلم القيّمون على بلدية دير الزهراني-جنوبي ​لبنان​ والتابعة إداريا لمحافظة النبطيّة، أن "ثقافة" فرز النفايات لا تُزرع بالعقول بل تُكتسب بمرور الوقت و"التربية"، لذا لا بد من وسيلة تحفّز المواطن بجيله الواعي على بدء عملية الفرز، مما يؤدي تلقائيا لانتقال هذه الممارسة الى الجيل الجديد الذي اذا ما تربّى على هذه الثقافة، لا يتركها بالمستقبل.

تقوم الفكرة على إعطاء كل مواطن يسلّم للبلدية "كيس" نفايات مُفرزة، 5 نقاط، وعندما يجمع المواطن 200 نقطة يحصل على هديّة. كذلك تنتشر في البلدة فكرة "الاستغناء" عن استعمال أكياس النايلون، واستبدالها بالأكياس الورقيّة او القماشيّة، للتخفيف من وجود النايلون ضمن نفايات المنازل. ولتشجيع سياسة الاستغناء عنه، تعاقدت البلدية مع محل خضار لتقديم عرض يتيح لكل مواطن، يُعيد 25 كيس نايلون الى المحل، الحصول على كيلو بندورة أو كيلو خيار مجانا.

لا تهدف البلديّة في نشر هذه الافكار للجذب الإعلامي، فقرار إيلاء ملفّ البيئة والنفايات الأهميّة اللازمة اتّخذ منذ انتخاب المجلس البلدي بحسب تأكيد رئيس لجنة البيئة قاسم الطفيلي، الذي يشير الى أن أزمة مكبّ الكفور دفعتنا للتفتيش اكثر على حلول تتيح للبلديّة إدارة "​أزمة النفايات​".

ويضيف الطفيلي في حديث لـ"النشرة": "الخطوة الاولى كانت أن نستبدل المستوعبات الحديديّة بأخرى بلاستيكية وعلى هذا الأساس وزعنا حوالي 2000 مستوعب على 2000 وحدة سكنيّة، وعقدنا الندوات التوعويّة، فكانت نسبة التجاوب معنا ضئيلة ولكن مع الوقت بدأنا نشعر بازدياد تعاون المواطنين"، مشيرا الى أن بلدة دير الزهراني تنتج يوميا حوالي 15 طنا من القُمامة، وتسعى لتقليل هذه الكميّة. ويؤكد الطفيلي أن البلدية تقوم بعمليّة الفرز وتجمع الحديد والبلاستيك في مستودع خاص وتطمر النفايات التي يجب أن تُطمر، لتقوم من بعدها ببيع الحديد والبلاستيك للشركات المهتمّة.

لا تملك البلدية كميّات كبيرة من النفايات لبيعها بعد، رغم ذلك فإن مردود البيع يكفي لتغطية كلفة النقل والفرز، طالبا من البلديات التحرك في نفس المجال وعدم التذرّع بعدم وجود الاموال.

لا شك أن العملية بحاجة الى بعض الوقت لتنتشر في كل بيوت البلدة، مع العلم أن البلدية حتى اللحظة لا تعتمد فقط على فرز المواطن بل تعيد الفرز في مستودعها لضمان التقسيم الصحيح للمواد، ولكن هذا الأمر لا يجب أن يُضعف آمال المسؤولين لأن ثقافة الفرز لن تُطبق بين ليلة وضحاها، ومن تعوّد لسنوات وسنوات على رمي النفايات عشوائيا بحاجة الى بعض الوقت لتغيير عادته. الاهم هو الانطلاقة الصحيحة، والتربية السليمة، ليكون الاعتماد على الجيل الجديد بأن يصبح مطبقا لثقافة الفرز بالفطرة.

ما فعلته بلدية دير الزهراني ليس بمعجزة، بل نتج عن عقل يفكر ونوايا صادقة بضرورة العمل لإيجاد الحلول، وهو ما يجب على كل البلديات فعله بملف النفايات للتخلص من ثقافات قديمة لم تُنتج سوى التلوث والامراض.