يعد ​التفتيش المركزي​ واحداً من أهمّ الاجهزة الرقابية التي تخضع بشكل مباشر الى ​رئيس الجمهورية​، عمله ومنذ سنوات كان معطّلاً لدرجة أن البعض لم يعد يدرك وجوده. اليوم وفجأةً و"بسحر ساحر" تحرّك هذا الجهاز وفعّل عمله وبدأت الإدارت العامة والمؤسسات والبلديات تشعر بحركته لا بل أكثر من ذلك تخشى سلطته!

منذ مدّة وبشكل فجائي أرسل التفتيش المركزي مفتشيه الى مركزي "النافعة" بجونية والدكوانة، وكان هذا التحرّك هو جرس الإنذار الأول على تفعيل عمله، لتأتي بعدها قضية حلّ ​لجنة الأشغال​ في بلديّة ​المنصورية​ على خلفية إستعمال أعضاء في اللجنة لعمّال البلدية وآلياتها لتعهدات خاصة بهم، وهنا كانت الصدمة الكبرى التي أكدت أن "زمن غيبوبة" هذا الجهاز قد ولّى. حالياً وبحسب مصادر مطلعة فإن "جهاز التفتيش المركزي يتابع عمله بسريّة، وهو يرسل باستمرار مفتّشيه الى ادارات الدولة والوزارات في خطّة أطلقت برعاية وإشراف رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ والهدف منها ​مكافحة الفساد​ المستشري في تلك الدوائر".

"التفتيش المركزي هو صاحب دور كبير في مكافحة الفساد وقد خوّله قانون إنشائه بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 115 الصادر بتاريخ 12 حزيران 1959 مراقبة الإدارات العامة والمؤسسات والبلديات بواسطة التفتيش على اختلاف أنواعه". هذا ما يؤكده الخبير الدستوري عادل يمين، لافتا الى أن "الغاية من الاجراء الذي يقوم به التفتيش هو تحسين أساليب العمل وإبداء المشورة للسلطات الإدارية عطفاً أو بناءً على طلبها، وتنسيق الأعمال المشتركة بين عدة ادارات وتنسيق الأعمال المشتركة بين هؤلاء والقيام بالدراسات والتحقيقات والأعمال التي تكلفه بها السلطات".

يرى عادل يمين أن "هذه الصلاحيات ليست قليلة عندما تعطى له حق مراقبة الإدارات، فهذا يعني أن لديه صلاحيات كافية للقيام بدوره"، مشيراً الى أن "المفتشين يطّلعون على جميع الإختصاصات في الدوائر ويتفقدون أحوال الأشغال وجميع ما يدخل في دوائر التفتيش، وعلى الادارات المختصّة أن تبت بالأمر خلال 24 ساعة وأن يوقفوا منح الإجازات العامة بناء على قرار من التفتيش"، مضيفاً: "يوصل رئيس ادارة التفتيش نسخة عن تقارير التفتيش النهائية الى كل من الوزير أو رئيس الإدارة المختصة ومجلس الخدمة المدنيّة، وفي حال كانت التقارير تتناول أموراً مالية ترسل نسخة منها الى المدعي العام المالي"، ومؤكدا أن رئيس التفتيش يعرض التقارير على هيئة التفتيش وتتداول فيها للمباشرة بملاحقة الموظفين المخالفين عبر العقوبات التأديبية من الدرجتين الاولى والثانية المنصوص عليها في المادة 55 من نظام الموظفين باستثناء إنزال الرتبة والصرف من الخدمة والعزل".

في المقابل تؤكد المصادر المطلعة أن "التفتيش المركزي أرسل تعاميم الى كلّ المؤسسات العامة والادارات يطلب فيها معلومات عن الموظفين في تلك الدوائر"، شارحةً أن "السبب الاساسي لهذا التحرّك هدفه أولا مراقبة عمل الادارات، ومن ثمّ ضبط عملية التوظيف بالوقت والعدد، خصوصاً لناحية المبالغ التي تُدفع والتوظيفات التي يُحكى عن وجودها في دوائر الدولة".

إذاً، يُنتظر أن يُفعّل التفتيش المركزي عمله بشكل كبير في الأيام المقبلة خصوصاً بعد الإجابات التي ينتظرها من الادارات العامة والوزارات وغيرها... ليبقى السؤال: هل سينتظم العمل في الدوائر وتنتفي "المنفعة الخاصة" بعد هذا التحرك؟.