لا يعتبر الجيش ال​لبنان​ي أن من يوجّه الدعوات لدخول عناصره الى مخيّم "الميّة وميّة" في منطقة صيدا في الجنوب اللبناني، لوضع حدّ للصراع المتفاقم بين حركة "فتح" و"​أنصار الله​"، يُقارب الملف بجديّة أو بمنطق. فدخول "الميّة وميّة" يعني عمليًّا قرارا بالدخول الى كل المخيّمات الفلسطينيّة المنتشرة على الأراضي اللبنانيّة كافة، "وهو قرار سياسي يعود للحكومة اللبنانية اتخاذه، وغير مرتبط بما تقرره ​قيادة الجيش​"، كما تؤكد مصادر عسكريّة، لافتة الى أن "مهمّة الجيش تتركز من فترة على منع تمدّد الصراع من داخل المخيم الى خارجه، أما موضوع الدخول اليه فغير وارد على الاطلاق".

وتشير المصادر الى ان الجيش ينكبّ حاليًّا على "توفير الحماية للسكان اللبنانيين الذين يعيشون على تخوم المخيم" الذي لطالما كان أكثر المخيمات الفلسطينية هدوءا واستقرارا. فبعكس "​عين الحلوة​" المشهور اقليميًّا ودوليًّا بكونه "بؤرة أمنيّة" والذي اعتاد سكّانه كما اللبنانيين الذين يقطنون في مناطق متاخمة، العيش على وقع صراعات واشتباكات بشكل مستمرّ، لا يزال سكان "الميّة وميّة" والمناطق المتاخمة غير قادرين على استيعاب انفجار الاحتقان المستمر منذ سنوات بين "فتح" و"​انصار الله​" على شكل مواجهات دمويّة تهدّد حياتهم وأرزاقهم.

وبحسب المصادر العسكريّة، فان الانتشار الذي نفذه الجيش في الايام الماضية في محيط المخيّم، جعل عناصره على مقربة من حدود "الميّة وميّة"، مشدّدة على أنّه لم ولن يتم الدخول اليه لاعتبارات عديدة، وبشكل أساسي لغياب القرار السياسي في هذا المجال. وأضافت المصادر: "الخطّة العسكريّة تقضي حاليًّا باستكمال تعزيز وتحصين المراكز والمواقع كما التواجد في نقاط استراتيجيّة مشرفة على المخيّم"، مشيرة الى ان جهاز المخابرات يتولى التواصل مع ​القوى الفلسطينية​ المختلفة لوقف التصعيد وعودة الهدوء الى المنطقة.

لكن وبعد نحو 10 أيام من الهدوء الحذر الذي سيطر على المنطقة التي شهدت الأسبوع الماضي اشتباكات عنيفة بين "فتح" و"أنصار الله"، عادت الأمور وانفجرت بعد ما قالت مصادر "فتح" ان "مجموعة من مسلّحي "جمال سليمان" الذي يقود تنظيم "أنصار الله" اندفعت باتجاه أحد مواقع "فتح" المتاخم لملعب "أبو جهاد الوزير"، وقامت باطلاق النار والقذائف باتجاهه قبل مهاجمته، ما دفع عناصر "فتح" لصدّ الهجوم وتجهيز القيادة لمجموعات داهمت المربّع الأمني لجمال سليمان، فدكّته بالقذائف الصاروخيّة والأسلحة الرشّاشة وضيّقت الخناق عليه".

وبعد تفاقم الأوضاع في "المّية وميّة" انطلقت الوساطات اللبنانيّة كما الفلسطينيّة لفرض التهدئة، وقالت المصادر انه "بعد اشتداد وتيرة الاشتباكات، استجابت حركة "فتح" لمساعٍ بُذلت لوقف اطلاق النار، فتوجه قائد "​قوات الامن الوطني الفلسطيني​" في لبنان ​اللواء صبحي أبو عرب​ عبر مكبرات الصوت الى عناصره المقاتلين داعيا ايّاهم للالتزام بوقف القتال".

الوضع في المخيم لا يزال هشًّا للغاية، في ظل اصرار "فتح" على وجوب انهاء ظاهرة جمال سليمان، واصرار الجانب اللبناني على وجوب وضع حد نهائي للصراع المتفاقم بين "فتح" و"أنصار الله" خاصة وأنه يُهدّد سلامة مواطنين لبنانيين يعيشون على تخوم المخيّم، وهو ما استدعى تدخل رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​.