اشار النائب السابق ​أمل أبو زيد​ الى أن "عودة الخير إلى العالم، تقتضي عودة التوازن إليه، وإن أوراسيا هي عصا التوازن بين الشرق والغرب"، وقال "يوم ضعفت ​موسكو​ اختل توازن العالم. وأصبح الغرب في حالة شعور بالقوة الفائضة والمفرطة، بينما الشرق تملّكه إحساس عميق بالضعف، وبأنه مستضعف". وإستشهد بمقال للرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ قبل نحو ستة أعوام يعتبر فيه "أن الأمن الدولي يمكن تحقيقه فقط مع روسيا، وليس عن طريق حشرها في الزاوية وإضعاف مواقفها الجيوسياسية وإلحاق الضرر بقوتها الدفاعية". واوضح إن المصير المشترك لروسيا في علاقاتها مع مشرقنا، أوطاناً ودولاً وشعوباً، أساسه البحث عن الخير المشترك لنا، كما للبشرية كلها.

وخلال مشاركته ممثلا وزارة الخارجية في اللجنة اللبنانية الروسية لتنفيذ المبادرة الروسية بإعادة ​النازحين السوريين​ الى بلادهم في مؤتمر في موسكو بدعوة من معهد الدراسات الشرقية لاكاديمية العلوم الروسية في اليوبيل المئوي الثاني لتأسيسه، ويُعتبر هذا المعهد من أكبر معاهد ومراكز الدراسات ويعمل فيه 370 باحثاً وباحثة متخصصون بالشرق الاوسط والادنى و​العالم العربي​ والاسلامي، لفت الى إن التاريخ البشري السليم، لا يمكن أن يقوم إلا على جدّلية التوازن. هي النظرية "الهيغلية" نفسها. والتي تُوهم البعض في واشنطن بأنها انتهت في مطلع التسعينات. قبل أن يكتشف خطأه على وقع الخسائر الهائلة في البشر ومقدراتهم. لقد أثبتت دروس التاريخ بما لا يقبل الشك، بأنه في كل مرة اختل توازن العالم، كانت النتيجة الحروب والدمار. وفي كل مرة توازن العالم بين مختلف نواحيه، ازدهرت الحياة ونمت الخيرات. من دون التوازن يختل العالم ويتعثر التاريخ. لكن ما هو مفهوم التوازن في عالم اليوم؟ وكيف يتحقق؟ اضاف "باختصار، أزعم أن توازن العالم في العصر الحديث هو بين ما هو شرق، وبين ما هو غرب. لا بالمفهوم الجغرافي للكلمتين وحسب. بل أيضاً، بما يحملان من مفاهيم بأبعادهما السياسية والأمنية والتنمية والاقتصاد والثقافة والمزاج العام للناس".

ولفت الى ان آخر اختلال لهذه القاعدة من التوازن العالمي، شهدناه قبل نحو ثلاثة عقود. مطلع التسعينات. يوم تحدث البعض عن "نهاية التاريخ" وهيمنة الأحادية الأميركية وبشرنا بصراع الحضارات ومركزية الغرب وتهميش الحضارات الإنساية الأخرى.. وحلم أحدهم بنظام عالمي جديد... هي الحقبة نفسها التي قال عنها الرئيس بوتين، إنها "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين". اليوم ندرك جميعنا، أنه كان مصيباً وأن الآخرين كانوا مخطئين. واوضح انه وسط هذا التضاد العنيف، حصل الاختلال في حاجات البشر الأساسية، صار العالم أقل قدرة على تأمين حاجات شعوبه. فغابت الوفرة في الخبز والعمل، وحلّت محلها الندرة والقلّة. وازداد على إثرها التوتر والقلق العالميين، وتفاقمت حركة الهجرة. لترتفع حركة الانتقال السكاني الكثيف، لكن هذه المرة في بيئة أقل تسامحاً وتقبلاً للآخر، وأكثر حقداً عليه ورفضاً له. وهو ما تطور تدريجياً نحو ولادة جذور التطرف وأصول ​الإرهاب​ الذي ضرب كل عالمنا.

واعتبر إن عودة الخير إلى العالم، تقتضي عودة التوازن إليه. واستعادة كوكبنا لتوازنه، شرطه وجود مركز إقليمي قوي. هذا المركز هو هنا، في وسط الكرة الأرضية. في محور حركتها، كما ظهر عبر القرون وراهناً. في نواة أوراسيا، التي هي عصا التوازن بين الشرق والغرب. في موسكو المؤتمنة على محورية أوراسيا، وبالتالي على توازن العالم من خلال تحقيق التشارك الحضاري، وهذا ما قامت به عبر شبكات من التعاون منها: الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، مؤتمر ​شنغهاي​ للتعاون، طريق الحرير واتفاقية ​بحر قزوين​ وغيرها.

وحضر المؤتمر كبار المسؤولين الروس يتقدمهم المتحدث الرسمي بإسم ​الكرملين​ ديميتري بيسكوف الذي ألقى كلمة الرئيس فلاديمير بوتين ونائب وزير ​الخارجية الروسية​ والممثل الشخصي للرئيس الروسي في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ​ميخائيل بوغدانوف​ الذي ألقى كلمة وزير الخارجية ​سيرغي لافروف​ ، كما شارك في المؤتمر950 شخصية من دول عديدة بينهم رؤساء حكومات سابقون ووزراء خارجية.

وشدّد بيسكوف على "أن روسيا ليست فقط جسراً بين الشرق والغرب بل هي ايضاً في الوقت ذاته الشرق والغرب معاً كونهما جزء من بلدنا وثقافتنا ورؤيتنا للعالم ".ركّز بوغدانوف على دور المعهد التاريخي في بناء مدرسة المفهوم الروسي لدراسة الشرق من شمال افريقيا الى المحيط الهادىء".