يستغرب مقربون من "الثنائي الشيعي" استغراب القوى السياسية اللبنانية والمعنيين بملف ​تشكيل الحكومة​، تشدّد ​حزب الله​ بموضوع تمثيل حلفائه السنّة. فالحزب كان ومنذ مطلع شهر حزيران واضحًا وحاسمًا بالموضوع، حين أوفد المعاون السياسي للامين العام لحزب الله السيد حسين نصرالله الحاج ​حسين خليل​ للقاء رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ لابلاغه بمطلبه تمثيل ما يُعرف بسُنّة المعارضة أو سُنّة الثامن آذار، "وهو اعتبر بحينها أن مجرد ايفاد خليل شخصيا يجب أن يكون بمثابة رسالة صريحة للمعنيين بأن ما يُطالب به أمر لا يمكن القفز فوقه أو التحايل عليه"، على حدّ تعبير مصادر "الثنائي".

بالأمس، استقبل خليل وفدا من نواب "اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين"، هو الذي لم يعتد استقبال وفود بشكل علني والخروج للتصريح لوسائل الاعلام من مكتبه، ما يُشكل، بحسب المصادر "رسالة ثانية لمن لم يفهم الرسالة الاولى، ومفادها أن تشدد حزب الله بموضوع تمثيل حلفائه السنّة يُعادل أو يوازي تشدّده بانتخاب العماد ​ميشال عون​ رئيسًا للجمهورية". ويعني موقف حزب الله هذا أنّ عملية تشكيل الحكومة دخلت المنعطف الأخطر منذ 6 أشهر، فالحريري عاد ليلوّح بالاعتذار في حال الاصرار على إحراجه، وبالمقابل يضع "الثنائي الشيعي" يديه بمياه باردة بأن الحريري لن يُقدم على خطوة مماثلة وأنه لو فعل فلن يتوانى للحظة بالترحيب بتكليفه مجددا، علما أن الحزب وحلفاءه يمتلكون الأكثريّة النيابيّة التي تتيح لهم تكليف شخصيّة سنيّة تدور في فلكهم، وهو سيناريو مستبعد تماما نتيجة رفضه بالمطلق من قبل الرئيس عون وفريقه السياسي.

وتشير مصادر "الثنائي" الى أن قرار الحزب في هذا الملفّ "ذات بُعد استراتيجي"، قائلة: "متنا وعشنا حتى تمكنّا من كسر الأحادية السنيّة في الانتخابات النيابيّة، فهل نُفرّط بانجاز مماثل بالسير بحكومة لا يتمثّل فيها المحسوبون على المحور القومي العربي"؟.

ويبلغ تشدّد حزب الله أوجه، بحيث تتحدث المصادر عن أن حلا على طريقة العقدة الدرزية غير مقبول، اذ يحصر الحزب الشخصيّات الواجب توزيرها باحد النواب الـ6 الذي ينتمون للقاء التشاوري، لافتة الى انه لا يتمسّك كما يُشاع بتوزير ​فيصل كرامي​، بل بشخصيّة من الـ6. وتضيف المصادر: "يُدرك رئيس الحكومة المكلّف أن لا سند اقليمي يتّكىء عليه في هذه المرحلة، لذلك لا نعتقد أنه سيُكابر كثيرا، مع ترجيحنا سيره خلال الايام المقبلة بالخيار الامثل، فالتراجع عن الخطأ بالنهاية فضيلة"، لافتة الى ان "حزب الله أثبت لكّل من كان يتحدّث عن استماتته لتشكيل حكومة قبل الرابع من الشهر المقبل، موعد بدء سريان حزمة العقوبات الاميركية الجديدة على طهران، أن لا صحة لكل ما يُروّج له، فهو لا يبحث عن شرعيّة تمنحه إيّاها حكومة ما، فشرعيّته اكتسبها منذ زمن ولا جدل فيها".

بالمحصّلة، قد يصحّ القول بأن البلد دخل نفقًا إنْ لم ينجح بالخروج منه خلال فترة قصيرة من الزمن، فهو سيبقى فيه الى أجل غير مسمّى.