عندما تسأل في ​بيت الوسط​ عن إحتمال إسناد رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ وزارة الداخلية والبلديّات لشخصه الى جانب الرئاسة الثالثة، وتعيينه وزيرَدَولة من فريقه لشؤون الداخليّة والبلديات، لا يمكن أن تحصل على جواب بتأكيد المعلومة أو بنفيها، ولكن، عندما تطرح السؤال على العارفين في تيّار المستقبل بكواليس التأليف، يمكنك أن تسمع عن ميل لدى الحريري بتكرار تجربة والده رئيس الحكومة الراحل ​رفيق الحريري​، حتى ولو جاء هذا التكرار عبر حقيبة الداخلية وليس عبر ​وزارة المال​، كما كان يفعل الحريري الأب على صعيد إحتفاظه لنفسه بوزارة المال الى جانب رئاسة الحكومة، وتعيين ​فؤاد السنيورة​ وزير دولة للشوون الماليّة.

أما إذا طرحت السؤال عن الأسباب التي ينطلق منها الحريري لإتخاذ إجراء كهذا، فلا تسمع إلا أجوبة مصدرها خصوم وزير الداخليّة الحالي نهاد للمشنوق داخل التيار الأزرق. أجوبة، تتمحور كلها حول نقطة أساسية وهي، أن الحريري الذي إتخذ قراراً بعد أزمة إعتقاله في ​المملكة العربية السعودية​، بتحجيم كل الحالات المنتفخة في تياره والتي سُمّيت بـ"الصقور"، قد بدأ بتنفيذ قراره المذكور في ​الإنتخابات النيابية​ الأخيرة، وها هو اليوم يستكمل ذلك في عملية تشكيل الحكومة. وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أن الحريري يعرف تماماً أن ​وزارة الداخلية والبلديات​ هي السوبر وزارة بين الحقائب السيادية، ومن يتولاها يمكنه إذا عرف كيف يستفيد منها، أن يخلق صورةً لنفسه وهو في موقع متقدم عن زملائه كما هو الحال مع الوزير ​نهاد المشنوق​، وأن يخلق لنفسه شبكة علاقات إقليميّة ودوليّة تخولّه في مكان ما التسويق لنفسه كمرشح الى رئاسة الحكومة حتى لو كان ذلك على حساب من سمّاه لتولي السوبر حقيبة أي سعد الحريري.

لكل ما تقدم طرحت هذه الفكرة في بيت الوسط، ولكل ما تقدم أيضاً قد يلجأ الحريري الى تعيين أحد المستشارين المقرّبين منه وزير دولة لشؤون الداخليّة والبلديّات، ولكل ما تقدم أيضاً، قطع الحريري ورقة وزير الإتصالات ​جمال الجراح​ مستبعداً فكرة تسميته لتولي حقيبة الداخلية والبلديات كما تردد بعد إنتهاء الإنتخابات النيابية، وفي هذا السياق، يقول نائب مستقبلي بارز، " لو كان الحريري يريد صقراً من صقور تياره في الداخلية، لترك المشنوق في موقعه، ولما كان ليفكر ولو للحظة بإستبداله بالجراح الذي لم يكن مطروحاً على الإطلاق".

في الخلاصة، أكثر ما يريح الحريري في هذه المرحلة، هم علىسبيل المثال لا الحصر النواب الجدد ك​طارق المرعبي​ و​سامي فتفت​ و​وليد البعريني​، وغيرهم، وأكثر ما يزعجه هم النواب والوزراء المصنّفين ضمن خانة " صقور ​تيار المستقبل​"، فمع النواب الجدد، يمكنه إجراء نفضة هيكليّة وإداريّة لتيّاره السياسي، أما مع القدامى المخضرمين، فلن تكون الأمور التنظيميّة بهذه السهولة، نظراً الى حسابات وإعتبارات كل واحد منهم.