بدأ الاستياء العوني من اصرار ​حزب الله​ على توزير أحد حلفائه السُنة يسري على مواقع التواصل الاجتماعي فور الاعلان عن "عقدة سنية" أطاحت بالتفاؤل بولادة حكومية مباشرة بعد اعلان حزب "القوات اللبنانية" مشاركته بكتلة وزارية محدودة. تفاقم هذا الاستياء مع مرور الساعات والايام خاصة بعدما تأكدت القيادة العونية أن الحزب داعم حتى النهاية لمطلب حلفائه، حتى ولو أدى ذلك للدخول في دوامة جديدة من الفراغ قد تستمر أسابيع أو حتى اشهرا. الا أن ما لم يحسب حزب الله حسابه، فهو دخول رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ على الخط لاعلان دعمه وتضامنه مع رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ معتبرا ان النواب السنة من المستقلين لا يشكلون كتلة حقيقية باعتبار أن معظم أعضاء "اللقاء التشاوري" ينتمون لكتل أخرى. وبحسب مصادر في قوى الثامن من آذار، فان حزب الله لم يكن يترقب على الاطلاق موقفا مماثلا علنيا من الرئيس عون، وان كان يتوقع أنه الموقف الذي هو مقتنع به، لافتة الى أن اعلان هذا الموقف على الملأ بما بدا تطابقا مع موقف الحريري وليس فقط تناغما معه فحسب، أوصل الأمور الى نقطة قد يصعب استكمال تشكيل الحكومة بعدها. وقالت المصادر: "حزب الله كان ينتظر من الرئيس عون أن يلعب دور الحكم في هذا الملف، وهو بالتأكيد ليس بصدد التراجع عن قراره ومطلبه بتمثيل حلفائه السنة، الذي أعلن عنه أمينه العام ​السيد حسن نصرالله​ شخصيا وكرره معاونه السياسي أكثر من مرة. كذلك نعي تماما أن الرئيس عون لم يعد هو الآخر قادرا على التراجع عن موقف علني أطلقه، ما يجعلنا ندور في حلقة مفرغة".

وتعتبر المصادر أن الوضع الحكومي حاليا وصل لاسوأ مرحلة وصلها منذ تكليف الحريري قبل نحو 6 أشهر، لافتة الى ان "الحل الوحيد للخروج من هذه الدوامة هو اعتذار الحريري على ان يتم تكليفه من جديد لكن وفق معايير توضع قبل انجاز عملية التكليف". وتضيف المصادر: "اذا خُيّر الحزب بين التراجع عن موقفه أو الخروج من الحكومة فهو لا شك سيختار الخروج الذي سيعني تلقائيا خروج حركة "امل" وبالتالي المكون الشيعي"، لافتة الى ان الموضوع ذو بُعد استراتجيي، قائلة: "هناك محور منتصر في المنطقة وآخر مهزوم، فهل يقبل حزب الله المنتصر بهزيمة في تشكيلة حكوميّة تسيطر عليها قوى 14 آذار الخاسرة في المنطقة كما نيابيا"؟.

وتلقى هذه المواقف استهجانا كبيرا في الصفوف العونيين، التي لا تزال هي الأخرى تعيش نوعا من الصدمة بعدما اعتبرت أنها تجاوز المطلب "القواتي" الاصعب ليتبيّن أن المطلب المقبل يهدد بالاطاحة بكل ما أُنجز خلال الأشهر الـ5 الماضية. وتشير مصادر نيابية الى ان "التيار الوطني الحر" ورئيس الجمهورية على حد سواء، لم يكونا ينتظرا من حزب الله الذي لطالما لعب دورا مسهلا، أن يكون هو اليوم من يُعرقل انجاز التشكيلة الحكومية، وبالتالي انطلاق ورشة العمل التي ينتظرها رئيس الجمهورية بفارغ الصبر. ولا تزال المصادر تعوّل على خرق ما لا يعيد الامور الى نقطة الصفر، ويسمح باتمام الولادة الحكومية الاسبوع المقبل، وان كانت أي مؤشرات في هذا المجال غير متاحة في الوقت الراهن.

ولعل سفر الحريري في هذا التوقيت بالذات في زيارة وصفت بـ"الخاصة" الى باريس، يؤشّر بشكل واضح حول مستوى التعقيد الطارىء على المشهد الحكومي، ما يُهدد بالاطاحة بكل أُنجز، وهو ما دفع على الأرجح عدد من الوزراء الجدد الذي كانت قد حُسمت أسماؤهم لاعادة بزاتهم البيضاء الى خزائنهم.