ضجّت الانباء في الايام الماضية عن توتر في العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ و​حزب الله​، ووصل البعض الى حدّ القول انها باتت مهدّدة وقد لا تعمّر. كل ذلك على خلفية الموقف الذي اطلقه الرئيس عون خلال لقائه الاعلامي المفتوح في الذكرى الثانية لتولّيه مهامّ الرئاسة، لجهة رفضه توزير ما بات يُعرف بـ"سنّة المعارضة".

ولكن، بمجرد التمعّن ببعض المواقف والاحداث الاخيرة، تصبح الصورة اكثر وضوحاً في ما خصّ هذه العلاقة ومستقبلها، ويمكن البناء على امور معيّنة كفيلة بالوصول الى خلاصة مفادها ان العلاقة اهتزت حتماً، ولكنها لن تسقط وستبقى قائمة على الاسس التي انطلقت منها، لاكثر من سبب، وسنتوقف عند الابرز منها.

بداية، يجب الاعتراف بأن شيئاً من التوتر يسود العلاقة بين الطرفين، قائم على اللوم المتبادل من المواقف التي اطلقت في الآونة الاخيرة، والتي توجّتها عدم الرؤية الموحدة لـ"العقدة السنّية". ولكن، كما كان الحزب قد اوضح ان موقفه من توزير احد "سنّة المعارضة" ليس موجهاً ضد رئيس الجمهورية بل هو لحثّ رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ على النظر الى الآخرين من الطائفة السنّية، يمكن القول ايضاَ ان موقف عون من المسألة والذي عبّر عنه، ليس موجّهاً الى الحزب بل الى الشخصيات السنّية المعنية به، وبالتالي فإن الموقفين لم يصيبا ​حارة حريك​ او بعبدا، بل مرّا من جانبهما.

اما القول بأن الخلاف هو على دعم عون للحريري في مواجهة الحزب، فهو لا يصحّ لان حزب الله قالها بالسرّ والعلن انه لا يرغب في بديل عن الحريري او قطع العلاقات معه، وبالتالي فإنّ عون لم يكن امام حرب بين الاثنين ليأخذ طرفاً، بل امام اختلاف سياسي فقط، علماً ان الحريري والحزب حريصان ايضاً على ابقاء العلاقات بينهما مفتوحة.

سبق ان اختلف عون والحزب سياسياً في اكثر من مناسبة، واشتعلت سابقاً مواقع التواصل الاجتماعي من قبل مؤيديهما على خلفية قضايا ومواضيع سياسيّة، ولكن ما لبثت ان عادت الامور الى مجراها دون ان تكبر كرة الثلج، بعد تدخل المسؤولين في الجانبين.

ليس عون بوراد التخلي عن الحزب، والعكس صحيح، فكلاهما يعلم ان العلاقة مهمّة لكلّ منهما، ومن تابع كلام رئيس الجمهورية في المناسبة ذاتها التي اطلق فيها موقفه من الوضع الحكومي، لاحظ بقاءه على كلامه الاستراتيجي بالنسبة الى دور الحزب وحضوره في ما خصّ الصراع مع اسرائيل، وهو موقف يعلم الحزب انه لن يتغيّر بين ليلة وضحاها، وبالتالي ليس هناك من سبب لافتعال ازمة تطيح بهذه الرؤية المشتركة للجانبين كما حصل مع الرئيس الأسبق العماد ميشال سليمان، خصوصاً وان الحزب كان اوفد منذ اسابيع قليلة وفداً الى ​قصر بعبدا​ للثناء على مواقف عون في الولايات المتحدة واوروبا ورؤيته الاستراتيجية للوضع في المنطقة وللصراع العربي-الاسرائيلي. اما من ناحية عون، فهو لم ينسَ المواقف الداعمة له التي اتخذها الحزب في اكثر من مناسبة، وليس بوارد التفريط بها من اجل معركة ستجد حلاً عاجلاً ام آجلاً.

ازاء كل ذلك، يمكن الاستنتاج بأن ما يحصل اليوم بين عون والحزب انما هو اشبه بغيمة صيف، فاللوم موجود، والعتب قائم، انما القطيعة غير حاضرة ولن تجد من يأويها في بعبدا او حارة حريك، وبالتالي من الافضل الانتظار لمعرفة كيف ستنتهي اليه الامور في ما خص ​تشكيل الحكومة​، لكي يبنى على الشيء مقتضاه، أكان ذلك في وقت قصير ام خلال فترة قد تطول نسبياً انما لن تصل الى تلك التي استغرقها تأليف تمام سلام لحكومته.