دخل الصراع بين ​وزارة الإقتصاد والتجارة​ وأصحاب ​المولدات الخاصة​، يوم أمس، مرحلة جديدة، لا سيما بعد تنفيذ التهديد السابق بـ"العتمة" لمدة ساعتين، اعتراضاً على سوق بعض أصحابها إلى التحقيق بطريقة مهينة، ما دفع بعض البلديات إلى التحرك لتسطير محاضر ضبط بالذين إلتزموا قرار قطع الكهرباء عن المواطنين، على أساس إمتناعهم عمداً عن تأمين خدمة عامة، في حين فضلت بلديات أخرى الإبتعاد عن الدخول في هذه الأزمة، واضعة القضية في عهدة الوزارة، الأمر الذي تطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام.

في جميع الأحوال، يدفع المواطن ثمن هذا الصراع، في حين تبدو الدولة عاجزة عن تأمين الكهرباء بشكل كامل في المدى القريب، بينما يتحجج ​أصحاب المولدات​ بأنهم أصحاب مصالح يستطيعون إقفالها عندما يشعرون أنها خاسرة، بحسب ما تؤكد مصادرهما لـ"النشرة"، وبالتالي لا يمكن التعامل معهم كـ"مجرمين"، بينما تؤكد مصادر وزارة الإقتصاد والتجارة، لـ"النشرة"، أن لا عودة عن قرار تركيب العدادات، تحت طائلة تسطير محاضر ضبط بحق المخالفين، ومن ثم مصادرة المولدات.

في هذا السياق، كانت بلدية الحدت أول من أقدم على أخذ المبادرة، من خلال المسارعة إلى تسطير محاضر ضبط بحق أصحاب المولدات الذين عمدوا إلى قطع الكهرباء عن المواطنين. ويؤكد رئيس البلدية ​جورج عون​، في حديث لـ"النشرة"، أنها طبقت القانون، متسائلاً: "كيف يمكن السكوت عن قطع التيار الكهربائي عن مريض بحاجة ماسة إلى الكهرباء أو عن طالب لديه فروض مدرسية لتقديمها في اليوم التالي".

وفي حين يلفت عون إلى أن المولدات الخاصة أمر واقع بسبب غياب كهرباء الدولة 24 على 24، يشدد على أن "هذا لا يعطي الحق لأحد بمخالفة القانون"، مشيرا الى ان "تكرار المخالفة سيرفع من مبلغ الضبط الذي ستسطره البلدية في حق صاحب المولد المخالف، في حين أن المخالفة في المرة الثالثة ستعطي الحق للبلدية بمصادرة المولد".

بالنسبة إلى مدينة الشويفات، توضح مصادر مطلعة في البلدية، عبر "النشرة"، أن لا مشكلة لديها على هذا الصعيد، حيث لم يحصل أي قطع، في الفترة التي حددها أصحاب المولدات، مؤكدة أن البلدية لم تتلق أي شكوى على هذا الصعيد من أي مواطن.

وعلى الرغم من تأكيد المصادر أن ليس جميع أصحاب المولدات التزموا بقرار تركيب العدادات، توضح أن هذا الأمر يعود إلى العلاقة بين أصحاب المولدات والمشتركين، حيث أن بعض المواطنين فضلوا عدم الذهاب إلى هذه الخطوة، مشددة على أن هناك تنسيقاً يومياً مع أصحاب المولدات في المدينة والعلاقة ممتازة معهم.

بالإنتقال إلى مدينة بعلبك، يوضح رئيس البلدية حسين لقيس، في حديث لـ"النشرة"، أن القسم الأكبر إلتزم بقرار القطع، في حين أن أعداد قليلة هي التي التزمت بقرار تركيب العدادات، لافتاً إلى أن ليس هناك من صاحب مولد أقدم على تركيب العدادات لجميع المشتركين حتى الآن.

بالنسبة إلى الإجراءات التي قد تقوم بها البلدية على هذا الصعيد، يضع لقيس الموضوع عند وزارة الإقتصاد والتجارة، التي يؤكد التعاون معها لتنفيذ قرارها، لكنه يشير إلى أنه لا يستطيع أن يقوم بإجراءات في الوقت نفسه الذي تقوم به الوزارة بتسطير محاضر ضبط بحق المخالفين، لأنه عند ذلك يكون هناك مخالفة قانونية، لناحية المحاسبة على الذنب نفسه مرتين.

من جانبه، يوضح رئيس بلدية فرن الشباك ريمون سمعان، في حديث لـ"النشرة"، أن الإلتزام بقرار تجمع أصحاب المولدات لم يكن شاملاً، حيث اختار بعض أصحاب المولدات الإستمرار في العمل دون قطع التيار الكهربائي عن المواطنين.

وفي حين يشير سمعان إلى أنه لا يريد الدخول في أي خلافات مع أي جهة، يكشف أن البلدية سوف تقدم على تسطير محاضر بحق من لا يلتزم من أصحاب المولدات بقرار وزارة الإقتصاد، كما أنه سيسمح بتركيب مولدات جديدة في الأحياء التي يعمل فيها المخالفون.

في طرابلس القطع لم يكن شاملاً، بحسب ما يؤكد نائب رئيس البلدية خالد الولي لـ"النشرة"، لكنه يشير إلى أن البلدية لا تتدخل في الموضوع إلا إذا كان هناك مخالفات، لافتاً إلى أن هناك من يلتزم بقرار تركيب العدادات ومن لا يلتزم، إلا أنه يكشف عن أن هناك من يستغل عدم إلزامية القرار، أي أن الموضوع يتوقف على إرادة المشترك.

ويعتبر الولي أن المنطقي أن يطبق القرار على الجميع دون إستثناء، لا سيما أن بعض أصحاب المولدات يجبرون المشتركين على القول أنهم لا يريدون تركيب العدادات، بينما الأفضل تستلم الدولة ملف الكهرباء بشكل كامل.

في مدينة صيدا، أثمرت الجهود التي بذلها رئيس بلدية محمد السعودي مع "لجنة أصحاب المولدات الكهربائية" بأن يكون القطع لمدة ساعة واحدة لا ساعتين. ويكشف السعودي، في حديث لـ"النشرة"، أن أصحاب المولدات تجاوبوا مع التمني، لافتاً إلى أننا "نسير إلى الامام في تنظيم العمل، حيث الاتفاق مع وزير الاقتصاد بتركيب عدادات وأي مواطن لا يرغب عليه التوقيع على ورقة ووضع اسمه ورقم هاتفه، على أن ستقوم البلدية بالاتصال بكل شخص للتأكد منه، ثم التوقيع عليها، ما يعني أن هذا اختيار المواطن نفسه".

في المحصلة، قرر أصحاب المولدات الخاصة الذهاب إلى التصعيد، متحدين قرار وزارة الإقتصاد والتجارة، في حين كان الرد الوزير حاسماً في التعامل مع هذا التطور، فهل يدفع المواطن "العتمة" ثمناً مرة جديدة أم تكون إجراءات السلطات المعنية رادعة؟