بدأ أبناء مخيم الميّة وميّة بدأوا يتنفسون الصعداء، بعد سحب فتيل التوتير الامني وجلاء نتائج الاشتباكات الاخيرة على واقع جديد يغيب فيها الأمين العام لحركة "أنصار الله" جمال سليمان عن مشهده ومسرح يومياته، بعد تطبيق اتفاق نص على مغادرته المخيم مع عائلته ومرافقيه الشخصيين، مقابل بدء حركة "فتح" بإزالة المظاهر المسلحة والدشم والمتاريس، التي تم إستحداثها على عجل إبان الاشتباكات الأخيرة بين الطرفين، والتي أدت الى سقوط أربعة قتلى، وأكثر من ثلاثين جريحا، ناهيك عن الاضرار الجسيمة في الممتلكات، تمهيدا لعودة الحياة الى طبيعتها وافتتاح مؤسسات "الاونروا".

"​النشرة​" كانت اول الداخلين الى الميّة وميّة، حيث أتاحت فترة الهدوء التي شهدها المخيم منذ ساعات الصباح الاولى الى التجوال في شوارعه الرئيسية واحيائه حيث دارت اعنف الاشتباكات وصولا الى المربع الامني لسليمان والذي بدا هادئا، بينما كان عناصر حركة "فتح" يتناولون طعام الافطار "الفول والحمص" في مقر امين سر حركة "فتح" في ​لبنان​ ​فتحي ابو العردات​ من الجهة الشمالية، يشاركهم فيه قائد ​قوات الامن الوطني الفلسطيني​ في لبنان اللواء صبحي ابو عرب ومسؤول الارتباط العميد سعيد العسوس، بعدما اشرف شخصيا على ازالة بعض الدشم والمتاريس.

وقال أبو عرب لـ"النشرة"، بدأنا صفحة جديدة في مخيم الميّة وميّة، ليست "بيضاء" فقط وانما "ممتازة"، نحن ملتزمون بازالة الدشم والمتاريس وعودة الحياة الى طبيعتها، وغدا ستقوم وكالة الاونروا بجولة ميدانية لافتتاح المدارس والعيادة والمؤسسات.

وطمأن ابو عرب انه ليس في عرف حركة "فتح" اي انتقام وسنحافظ على هذا المخيم وابنائه بعد الاجتماعات التي حصلت في سفارة دولة فلسطين مع السفير ​اشرف دبور​، وحركة أمل وحزب الله والدولة اللبنانية، وهناك تعليمات بازالة الدشم والعودة الى الحياة الطبيعية، ونطمئن اخواننا في الجوار ان الاوضاع هادئة وسنحافظ على امن واستقرار المخيم والجوار اللبناني وقد زرنا رئيس بلدية الميّة وميّة رفعت بو سابا والنائبين بهية الحريري واسامة سعد لهذه الغاية، وهناك ارتياح من ابناء المخيم بعد خروج سليمان ومرافقيه، ونحن ندعو الذين نزحوا عنهللعودة اليه.

وخلال الجولة في المخيم، بدا الجيش اللبناني وهو يقوم بالمزيد من التحصينات والدشم عند مدخله الغربي، مستعينا بكتل اسمنتية كبيرة، فيما عناصره يدققون في هويات المارة وأوراقهم الثبوتية، عندما تصل الى وسطه، تلاحظ بوضوح حجم الاضرار في المنازل والسيارات، حتى الازقّة لم تسلم من وابل الرصاص والقذائف، بعدما دارت فيها معارك عنيفة وجولات من الكر والفر.

المربع الامني

من مواقع "فتح" المختلفة حتى المربع الامني لجمال سليمان، ما زال الرصاص الفارغ مرميا على الارض، وحطام الزجاج المكسور متناثر هنا وهناك. ومن مكان الى آخر، تبدو المنازل التي تضررت، وزجاج نوافذها قد تحطمت، الى جانب سيارات احترقت، يقطع الصمت بعض ابناء المخيم الذين عادوا لتفقد ممتلكاتهم، بعض المقيمين الذين صمدوا إبّان الاشتباكات ولم ينزحوا، جلسوا امام ابواب منازلهم، وراحوا يراقبون حركة المسلحين والعائدين معا، تسير دورة الحياة ببطء شديد، وقد أكد أحد ابناء المخيم لنا"ان الحياة تحتاج الى ايام كي تدبّ فيها الحركة والعافية من جديد، فما حصل كبير ودامٍ".

وهذا الهدوء أتاح لاحد أبناء المخيم ايضا شرب نرجيلته وسط الشارع، ولاخرين تناول قهوة الصباح، وبين المشهدين، بدا عناصر "فتح" في جهوزية،بعضهم انهمك في تنظيف بعض الطرقات وازالة اثار الاشتباكات، وبعضهم الاخر في كنس الاوساخ والتراب والحصى، والبعض الثالث في القيام بدور المراقبة الاحترازية، ما زالت بعض الدشم تحافظ على وجودها خاصة تلك القريبة من "المربع الامني" الذي بدا هادئا، عند مدخله الرئيسي ما زالت صورة كبيرة لسليمان مرفوعة وقد كتب عليها "حماك الله" وفي داخله عدد منعناصر "التنظيم"والى جانبهم يقف عناصر لجنة المراقبة التي تم تشكيلها لمراقبة تثبيت وقف اطلاق النار سابقا.

داخل المربع الأمني، حرص نائب الأمين العام للحركة ماهر عويد على التواجد فيه ومتابعة أدق التفاصيل، وقد أكد لـ"النشرة"، بعد الحدث المأساوي الذي حصل في مخيم المية ومية، أثمرت جهود اخوتنا في حركة أمل وحزب الله وأزيلت كل العقبات، واتفقنا على سحب المسلحين ورفع الدشم من أجل عودة الحياة الى طبيعتها.

وقدم عويد اعتذاره الى ابناء مخيم المية ومية والجوار اللبناني، قائلا،"نحن نعتذر من ابناء شعبنا لما حصل ويجب ان تكون البندقية نحو فلسطين لتحريرها من بحرها الى نهرها"، مؤكدا "التزام "انصار الله" بأيّ اتفاق فيه مصلحة شعبنا وقضيتنا ونحن يدنا ممدودة للتعاون مع الجميع لذلك".

غادرت "النشرة" مخيّم الميّة وميّة، على وقع تساؤلات ابنائه، من سيقوم بمسح الاضرار ومن سيعوض عليهم خسائرهم، هل ما جرى قد انتهى فعلا، وان الصفحة الماضية قد طويت وفتحت صفحة جديدة... ربما الايام المقبلة ستسحم ذلك.

لمشاهدة ملف الصور إضغطهنا