منذ 180 عاما تقريبا أُنتجت أول آلية تعمل على ​الكهرباء​ بالعالم، ولم تلقَ الرواج المطلوب بسبب صعوبة عملها وتعبئتها ومداها. اليوم تطورت هذه الصناعة بشكل كبير، وباتت الدول الصناعيّة الضخمة تخصص ميزانيات لتطوير صناعة السيارات الكهربائيّة، كونها تساهم بتخفيف التلوّث والتقليل من نسبة استهلاك ​النفط​.

لا تزال السيّارات العاملة على الاحتراق الداخلي واسعة الشهرة والانتشار، اذ أن السيارات الكهربائيّة لم تستطع مجاراة التطور اللاحق بتلك العاملة على ​البنزين​ او المازوت، أولا بسبب المسافات التي يمكن قطعها وثانيا بسبب الوزن وثالثا بسبب السرعة ورابعا بسبب السعر. ولكن كل هذه المعوقات ستختفي مع الوقت اذ وضعت الدول المصنعة للسيّارات هدفا لها بأن تصبح نسبة الكهربائية المستعملة منها في العالم حوالي 80 بالمئة عام 2030.

انطلاقا من هذه التوقّعات أقرّ ​المجلس النيابي​ في جلسة ​الموازنة​ الأخيرة، إعفاء السيّارات غير الملوثّة للبيئة من بعض الرسوم، إذ خُفضت الرسوم الجمركيّة على السيارات الخصوصيّة الهجينة، أي تلك التي تعمل على الكهرباء والفيول بنفس الوقت، بحيث أصبحت 20% فقط وأعفيت السيارات العاملة على الكهرباء كلياً من الرسوم الجمركيّة. فكيف كان انعكاس هذا الأمر في السوق المحلي؟.

بعد اقرار الموازنة، قامت شركة "مدكو" بتركيب وتشغيل محطّات لتعبئة الطاقة في السيارات الكهربائية، وأصبح لها 7 أو 8 ماكينات في مناطق مختلفة من ​لبنان​، إلاّ أن ذلك لم يرفع من نسبة استهلاك هذا النوع من السيّارات في السوق اللبناني الذي يضمّ بحسب أحد مسؤولي الشركة، حوالي الـ28 سيارة عاملة على الكهرباء فقط لا غير، بالاضافة الى عددٍ محدود أيضا من السيّارات الهجينة.

تحتاج بطارية السيّارة الى 8 ساعات من "التشريج"، ولكنها في المحطّة بحاجة الى 10 دقائق، من أجل تعبئتها بالطاقة اللازمة، بحيث تكون كلفة "الكيلووات" الواحد، الف ليرة لبنانية، مع العلم ان السيّارة بحاجة الى ما يقارب الـ30 كيلووات كمعدل وسطي.

ويشير المسؤول عبر "النشرة" الى أن من أسباب "قلّة" هذه السيارات في لبنان، ارتفاع ثمنها، اذ قد لا يقل ثمنها خارج لبنان عن 25 الف يورو تقريبا، هذا دون احتساب كلفة شحنها وتسجيلها، الامر الذي يجعل منها مشروعا خاسرا لا رابحا. ويضيف: "الى جانب الثمن الباهظ تعاني هذه السيارات من صعوبة السير على الطرقات الجبليّة، الى جانب معاناتها بأزمات السير اذ انها تحوي بطارية تسيّرها لمسافة 250 كيلومتر على سبيل المثال، ولكن في ازدحام السير ستصبح المسافات أقل بكثير". كذلك من السلبيّات التي تمنع انتشارها حاليا في لبنان، هو الصيانة، اذ ان العطل فيها بحاجة الى اختصاصيين من الشركة الأم.

السيّارات الكهربائيّة تخفّف من التلوّث البيئي بنسب كبيرة جدا، ومن التلوث السمعي أيضا، ولكنها ليست جاهزة بعد لتكون "الوجهة" الاولى للاستعمال، فإلى جانب غياب البنى التحتيّة اللازمة لانتشارها في لبنان، تحتاج هذه السيارات الى مزيد من التطور العالمي.

قد لا تكون السيارات الكهربائية قد انتشرت في لبنان بعد، ولكنها حتما ستنتشر، فمع تقدم التطور وسعي الشركات العالمية للتخفيف من إنتاج السيارات التي تعمل على الاحتراق الداخلي للوقود، ستجد هذه السيارات طريقها الى المنطقة، خصوصا وأن الشركات المستوردة بدأت بالتواصل مع الشركات العالمية لإجراء التجارب في لبنان، بغية زيادة نسبة هذا النوع من الآليات على الطرقات خلال 10 سنوات.