على عكس توقعات البعض الذي كان يراهن على مبادرة قد يقوم بها، كان أمين عام "​حزب الله​" السيّد ​حسن نصرالله​ حاسماً، في خطابه خلال الإحتفال بـ"يوم الشهيد"، لناحية دعم الحزب حلفائه من النواب السنة المستقلّين، حتى ولو تأخرت ولادة الحكومة حتى قيام الساعة، بحسب تعبير السيد نصرالله.

في هذا السياق، كان لافتاً الرد الذي قام به أمين عام "حزب الله" على كل من رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ وحزب "القوات اللبنانية"، على خلفية مواقفهما الأخيرة من العقدة السنيّة، حيث دعاهما إلى البدء في الحديث عن التعطيل بعد 4 أشهر، بالنسبة إلى الأول، و5 أشهر، بالنسبة إلى الثاني، من دون تجاهل أهميّة التأكيد على متانة العلاقة والتحالف مع رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ و"التيّار الوطني الحر"، خصوصاً أن الحزب كان يحرص، في الفترة السابقة، على تعزيز العلاقة مع جنبلاط، ويبتعد عن أي سجال داخلي، سواء مع "القوات" أو مع غيره من القوى.

على الصعيد الحكومي، يمكن القول أن السيد نصرالله وضع العقدة السنية ضمن مسار واضح لا يمكن الخروج عنه، ينطلق من الحوار مع أعضاء "اللقاء التشاوري"، نظراً إلى أن "حزب الله" ليس فريقاً بالمفاوضات، بل يلتزم بما يقرّره هؤلاء، الذين سيتمسّكون أكثر بمطلبهم بعد هذا الدعم العالي اللهجة، لا سيّما أن أحداً لا يتوقع أن تتشكّل حكومة في لبنان من دون الحزب، الذي يرفض تسليم أسماء ممثليه قبل الأخذ بعين الإعتبار تمثيل السنّة المستقلين.

بالتزامن، سعى أمين عام "حزب الله" إلى الردّ على نقطة أساسية، كان تيار "المستقبل" قد عمد إلى محاولة التركيز عليها، في الأيام السابقة، لناحية الإتهامات التي وجهت إلى النواب المستقلين، بأنهم "سنّة حزب الله" أو "سنّة النظام السوري"، حيث كان التشديد على أن القول أنهم "سنّة ​8 آذار​" "مفخرة" لا "شتيمة" أو "تهمة"، لا سيما أن مواقفهم، منذ العام 2005 حتى اليوم، هي التي منعت تحويل الصراع السياسي في لبنان إلى صراع مذهبي، من وجهة نظر السيد نصرالله.

على صعيد متصل، من الضروري الإشارة إلى أن السيد نصرالله تعمد، في أكثر من مكان، التلميح إلى أن الإصرار على رفض تمثيل هؤلاء سيعيد المشاورات الحكومية إلى المربّع الأول، بسبب غياب المعيار الموحّد الذي من المفترض أن يطبق على الجميع، وعندها لن يكون الحزب "متواضعاً"، بل سيذهب إلى رفع سقف مطالبه، فلن يكتفي بالمطالبة بوزير يمثّل سنّة 8 آذار، بل سيدعو إلى رفع حصة كتلتي "الوفاء للمقاومة" و"التنمية والتحرير"، بالإضافة إلى تمثيل "​الحزب السوري القومي الإجتماعي​" وشخصيّات أو قوى سياسيّة أخرى.

من جهة ثانية، كان واضحاً تركيز أمين عام "حزب الله" على أن الكرة في ملعب رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، لا رئيس الجمهورية أو "​التيار الوطني الحر​"، بالرغم من أنه لم يغلق الباب أمام إحتمال أن تكون المعالجة من ضمن حصّة رئيس الحكومة، الذي دعاه إلى الإبتعاد عن اللغة المذهبية، لكن السؤال يبقى حول قدرة الحريري على التجاوب مع هذا المطلب، لا سيما بعد أن كان قد أكّد عدم قبوله بمثل هذا الأمر، على وقع التهديد بالإعتذار، وهو على الأرجح سيكون أكثر تشدّداً بعد خطاب السيد نصرالله.

في المحصلة، الأساس في خطاب أمين عام "حزب الله" اليوم، في ما يتعلق ب​تشكيل الحكومة​، هو التأكيد على عدم التراجع عن دعم النواب السنة المستقلين مهما كان الثمن، لكن في المقابل السؤال يبقى حول القدرة على معالجة هذه العقدة، فهل يكون الحلّ عبر المشاورات التي يقوم بها وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​، أم تعود الأمور إلى المربّع الأول، حيث ستبرز عقد أكبر من الراهنة؟.