شهدت قصور ملوك وامراء وسلاطين دول الخليج العربي سباقاً على استقبالات علنية وبالجملة لشخصيات اسرائيلية معاديه للعرب و الفلسطينيين في خطوة تدل على تهافت غير مسبوق لانهاء حالة العداء بين انظمة الخليج والعدو الاسرائيلي بالجنوح نحو تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني مغتصب فلسطين وعدو العرب التاريخي

بعد استقبال سلطنة عمان لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو وفتح ابواب مسجد الشيخ زايد امام وزيرة الثقافة في الكيان الصهيوني وتوجيه الدعوة لوزير التطبيع الاسرائيلي ايلي كوهين لزيارة البحرين كان لا بد لنتنياهو الوقوف امام الكنيست الاسرائيلي متباهياً ليقول ان منطق القوه هو الذي يفرض تغيير المعادله لصالح اسرائيل لان القوة تفرض على الاخرين الخضوع والقبول لمنطق القوي وان قوة اسرائيل هي التي فرضت تغيير المشهد وهذه القوه هي التي اجبرت جيراننا العرب على فتح ابواب قصورهم لنا ويفرشون السجاد الاحمر لاستقبالنا ترحيباً باسرائيل

وفي لحظة زلزال حادثة مقتل جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في اسطنبول الامر الذي الحق بصورة وسمعة السعودية الدولية ضرراً بالغاً يصعب ترميمه الا عبر احداث صدمة غير اعتيادية تصرف الانظار عن الحدث بحد ذاته

الى ذلك جاء استقبال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في العاصمة السعودية الرياض خبير الاتصالات في اسرائيل والمستشار السابق لنتنياهو حامل الجنسية الاسرائيلية وأحد اكبر مناصري الحركات الصهيونية "جويل روزنبرغ" على راس وفد من عتات الصهاينة المؤيدين لاسرائيل وذلك في خطوة تستكمل الهرولة السعودية نحو تطبيع العلاقة مع العدو الاسرائيلي الامر الذي احدث صدمة في الشارع السعودي رفضاً للتطبيع لكن السلطات السعودبه قامت بقمعها وبسرعه

وفي محاولة رخيصة من محمد بن سلمان تنكر لمبدأ القومية العربيه مظهراً رغبتة في تطبيع العلاقة مع اسرائيل والاتكال علىيها ذلك بعد الاشادة بدفئ العلاقة بين السعودية واسرائيل وخلال اللقاء مع "جويل روزينبرغ" تعمد بن سلمان تشويه التاريخ العربي النقي موجها الانتقاد للرئيس القائد جمال عبد الناصر معتبراً أن جمال عبد الناصر وآية الله الخميني دمرا المنطقة وخلقا مشاكل هائلة للسعودية كما انتقد رؤساء تركيا وروسيا وإيران في إطار الحديث عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

وجد محمد بن سلمان نفسه بين فكي كماشة الرئيس التركي رجب اردوغان الذي

اعتمد مبدأ التسريبات الصحفية والاحتراف في ابتزاز بن سلمان خصوصاً بعد مقالة اردوغان في صحيفة الواشنطن بوست جازماً فيها ابعاد اي شبهة عن خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان في حادثة قتل الخاشقجي موجهاً اصابع الاتهام والمسؤولية المباشرة نحو شخص ولي العهد السعودي

اذا السعودية مأزومه وبحاجة لمن ينقذها من ورطة الخاشقجي فالحليف الامريكي خرج من الانتخابات النصفية مهشماً بنصف هزيمه وما كان ممكناً قبل الانتخبات النصفية لم يعد ممكنا بعد الاعلان عن خسارة الاكثرية في مجلس النواب الامريكي رغم الاحتفاظ باكثرية مجلس الشيوخ ما يعني ان ترامب نفسه لم يعد طليق الحركه وسيكون من الصعب عليه استمرار التغاضي عن ملفات عده لا سيما ملف محاسبة السعوديه والذي يعرف بقانون جستا

في هذه الظروف الحالكه لم تجد السعودية سندا يمد لها طوق النجاة الا عدو العرب نتنياهو الذي انبرى للدفاع عنها معلناً ان الاستقرار في السعودية هو اولوية لامن اسرائيل على المستوى الاستراتيجي

امام ما تقدم نستطيع القول انه امام تراجع نفوذ دونالد ترامب وارتباكه في الداخل الامريكي فان نتنياهو بات المستشار والموجه والآمر وصاحب اليد الطولى في بلاط الخليج وخاصة في بلاط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان

لكن وحسب صحيفة "مكور ريشون" الاسرائيليه فان نتنياهو هو نفسه مازوم ايضاً وعلاقته الجيدة بالرئيس فلاديمير بوتين لم تعد كذلك خصوصاً بعد حادثة اسقاط الطائره الروسيه El 20 واستشهاد 15 طابطاً روسياً من رتب عاليه على الرغم من محاولات نتنياهو المتكرره لاصلاح العلاقة لكن التسريبات الإسرائيلية بشأن استمرار الهجمات والغارات الاسرائيلية على مناطق سوريه حتى بعد نشر منظومة S300 زاد من تأزم العلاقة بين بوتين ونتنياهو واصاب الروس بالجنون بعدما ما اعتبر الكرملين ان التسريبات الاسرائيلية هي بقصد اهانة الكرملين بشكل مباشر وفي رأي روسيا ان مصدر التسريبات الاسرائيلية هو نتنياهو نفسه وهذا ما دفع بوتين الى رفض الرد على مكالمات نتنياهو الهاتفيه المتكرره وعدم موافقته على اي موعد للاجتماع بنتنياهو بروسيا الامر الذي دفع نتنياهو للاعلان عن مشاركته في قمة باريس لكن من دون ضمان حصول الاجتماع مع بوتين ومن ناحية اخرى بدت العلاقه معقده ايضاً بين نتنياهو والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي اشترط طرح مبادرة سلام فرنسية بين الفلسطينيين واسرائيل خلال قمة باريس الامر الذي يرفضه نتنياهو ما ادى الى تعقيد العلاقة بين الرجلين

نستطيع القول ان توتر العلاقة بين بوتين ونتنياهو اسهم في ردع اسرائيل عن تنفيذ هجمات او غارات اسرائيلية على مناطق لبنانيه تدعي اسرائيل انها تحتوي على مصانع صواريخ موجهه اسوة بما قامت به اسرائيل في سوريه

ان كلام سماحة السيد حسن نصرالله الاخير الذي اعلن اصراره وتأكيده حتمية الرد على اي اعتداء اسرائيلي هو كلام موجه لاسرائيل ولكل المطبعين من العرب ومما اضافه السيد حسن نصرالله هو ان لا تحزنوا من التطبيع لان الخيانة العربية تطفو على السطح وبات كل شيئ واضح وان الهزيمة القادمه لاسرائيل ستؤدي تلقائياً الى اسقاط كل تلك الانظمه المطبعه مع العدو الاسرائيلي

اشارة السيد نصرالله الى اهمية دور سوريه المحوري وانه لولا صمودها بوجه الهجمة الجهنميه التي تعرضت لها ولم تزل لكان العدو الاسرائيلي يسرح في دمشق او يتجول في المسجد الاموي والعياذ بالله لهو دليل على اهمية صمود سوريه الاسطوري

مدعومة من الحلفاء واهمية نجاحها في الحفاظ على موقعها الجيوسياسي المهم الامر المكمل للصمود المبهر الذي كان له الفضل والدور الاساس في افشال و تغيير كل المعادلات المرسومة لانهاء الهوية العربيه

نختم بالقول مهما حاولت اسرائيل الالتفاف على دول الخليج بهدف تعويض فشلها في تحقيق اي انجاز عسكري استراتيجي ومهما سعت دول الخليج الى تطبيع العلاقة مع العدو الاسرائيلي ومهما حرفوا البوصله عن فلسطين فان صمود سوريه جيشا وشعبا وقيادة كفيل بدحر كل المؤامرات خصوصاً بعد الوقفة المشرفة لاهل الجولان الاحرار وتشبثهم بالارض وبالهوية العربية السوريه ورفضهم الانصياع لاوامر سلطة العدو فاننا نستطيع الجزم بان تنفيذ اي صفقة اسرائيليه خليجيه امريكيه هدفها ضياع فلسطين وتهويد القدس او ضم الجولان المحتل صار من المستحيل بل وتجاوزه الزمن خصوصاً بوجود الجمهورية العربية السوريه القويه المنتصره المدعومة من محور المقاومه

ان الجمهورية العربية السوريه كانت ولم تزل الرقم الصعب لكل المنطقه وهي مفتاح الحرب وبوابة السلام ومستقبل الاجيال العربية وضمانة للهوية وللحضارة العربية