بعد خطاب أمين عام "​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​ "الناري"، يوم السبت الماضي، ينتظر اللبنانيون ردّ رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ اليوم، خلال مؤتمر صحافي مخصّص لهذه الغاية، لكن على ما يبدو ان الحريري سيكون أمام معضلة كبيرة، نظراً إلى أن جميع الخيارات التي بين يديه صعبة، ولا يمكن له المفاضلة بين واحد منها.

كان من الأفضل، لرئيس الحكومة المكلف، لو تمت معالجة عقدة تمثيل النواب السنة المستقلين بعيداً عن الأضواء، خصوصاً بعد أن عمد إلى رفع السقف عالياً، لناحية رفضه تمثيل هؤلاء من حصته، في حين سربت بعض أوساط تيار "المستقبل" أنه يرفض أيضاً أن يتم ذلك من حصة أي فريق آخر، في إشارة إلى طرح أن يكون تمثيلهم من حصة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، لكن بعد كل الأخذ والرد، الذي حصل في الأيام السابقة، لا يمكن أن تكون المعالجة بالسهولة التي يتصورها البعض.

من وجهة نظر مصادر سياسية مطلعة، ما بعد خطاب السيد نصرالله لن يكون كما قبله، هذا ما أوحت به اللهجة العالية التي اعتمدها أمين عام "حزب الله" في حديثه عن العقدة السنية، في مؤشر إلى أن الأمور عادت إلى ما قبل التسوية الرئاسيّة، على مستوى العلاقة بين الحزب وتيار "المستقبل"، لكنها تعتبر أن المشكلة كانت من جانب رئيس الحكومة المكلف، الذي لم يأخذ ما طرحه الحزب عليه من ضرورة تمثيل النواب السنة المستقلين في عين الإعتبار، على قاعدة أن هذه العقدة لن تحول دون ولادة الحكومة عند الإنتهاء من باقي العقد، الدرزيّة والمسيحيّة، قبل أن يصطدم بجديتها عند طلبه تسلّم أسماء وزراء الحزب.

في هذا السياق، تشير المصادر نفسها إلى أن موقف الحزب لا يمكن تجاوزه من قبل أي جهة، نظراً إلى أنه يمتلك، بالتضامن مع "حركة أمل"، الفيتو الميثاقي، الذي يمنع ولادة أي حكومة لا تحظى برضا هذا الثنائي، كونه نجح، في الإنتخابات النيابية، بالفوز في جميع المقاعد المخصصة للطائفة، وبالتالي لا يمكن تأمين الغطاء الشيعي من دون وجود الحزب والحركة أو أحدهما على الأقل، في حين أن موقف رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ لا يختلف عن موقف أمين عام "حزب الله"، ما يعني لا يمكن توقع مشاركة الحركة في أي حكومة، من دون شريكها في الثنائية الشيعية.

في الجهة المقابلة، تتحفظ مصادر تيار "المستقبل" بالحديث عمّا قد يصدر عن رئيس الحكومة المكلف في مؤتمره الصحافي، بالرغم من تأكيدها بأنه سيردّ على ما ورد في خطاب السيد نصرالله، إلا أن المصادر السياسية المطلعة ترى أن الحريري سيكون أمام 3 خيارات رئيسية: التراجع، الإعتذار، ترك الأمور على ما هي عليه اليوم، وتضيف: "جميع هذه الخيارات اليوم صعبة، ولا يمكن القول أن النتائج المترتّبة على أحدها أفضل".

وتشير هذه المصادر إلى أنه في حال قرّر الحريري الإعتذار، فأنه سيخسر ما جناه من التسوية الرئاسيّة، التي أبرمها مع "التيّار الوطني الحر"، والتي أعادته إلى السراي الحكومي مقابل تبني ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، في حين أن التراجع يعني السماح لخصومه على الساحة السنيّة بالتقدم عليه، لا بل إنكساره أمام جمهوره بعد أن أكد له أنه لن يتنازل أمام طرح تمثيل "سنة 8 حزب الله والنظام السوري"، حسب التوصيف الذي عمل "المستقبل" على ترويجه، بينما إبقاء الأمور على ما هي عليه يعني تحمل تبعات خطيرة على الوضعين الإقتصادي والإجتماعي.

على الرغم من ذلك، ترجح المصادر نفسها أن يذهب رئيس الحكومة المكلف، بعد الرد على أمين عام "حزب الله" وتحميله نتائج العرقلة، إلى الذهاب إلى الخيار الثالث، وانتظار أن يأتي الحل من جهة ثالثة، قد تكون رئيس الجمهورية أو "التيار الوطني الحر"، نظراً إلى أن التراجع أو الإعتذار خياران غير واردين بالنسبة إليه.