لا حكومة في ​لبنان​ قريباً. كلّ شيء يدلّ ومنذ الإستقالة السابقة لرئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ عبر قناة فضائية عربية، أنّ لبنان يدخل دوَّامة الصراع السعودي-الإيراني من باب السلطة التنفيذية اللبنانية ولن يخرج منها معافى؛ وكذلك الحكومة.

عاد سعد الحريري، ولم تعد الحكومة.

تنقّلت عقد التشكيلة الحكوميّة بعناوين طائفيّة عدّة إلى أن رَسَت على "العقدة السنيّة" التي أعطيت تفسيرات اتهامية متنقّلة أيضا.

في ظلّ الفراغ الحكومي تصدّرت العناوين المستخدمة من السلطة معظم الخطابات السياسية، أكثرها تداولاً ما يلي:

-أوّلاً: "حكومة وحدة وطنية". لكن، فعلياً، لم يتّفق رموز السلطة على مفهوم الوحدة الوطنية. تمّ إقصاء السنّة المستقلين من مسوّدة التشكيل؛ العلويون تم الاستعاضة عن تمثيلهم؛ الدروز غير مُنصَفين؛ الأقليّات المسيحية غير ممثلة؛ المسيحيّون المستقلّون ليس هناك من يتحدث عن حقوقهم؛ تمثيل المرأة ينحصر بسيّدتين او ثلاثة؛ وينكبّ الشعبُ على مزاولة نشاطه الحياتي مُظلّل ببريق أمل ولادة "حكومة الوحدة الوطنية".

-ثانياً: "معيار ​الانتخابات النيابية​". لكن، فعلياً، لم يتمّ الالتزام بمعيار نتائج الانتخابات النيابية؛ أقلّه من ناحية عدد وزراء الاحزاب قياسا على حجم الكتل النيابية. وأيضا، فالمساواة بالمعايير باتت مختلطة وغير واضحة إلى أن ضاع المعيار ومعه ونتائج الانتخابات النيابية.

بالمقابل، لم يكن بين الفرقاء السياسيين إجماع على أنّ قانون الانتخاب الحالي عادل لا من حيث حقيقة "النسبيّة" ولا من حيث تقسيم الدوائر فهو لا شك أنّه قانون هزيل يحتاج تعديلات جمّة، ليصبح بمستوى قريب من النسبية أوّلها إعادة تقسيم الدوائر واعتماد صوتين تفضيليين.

فلماذا أراد معظم رموز السلطة بعد صدور النتائج اعتماد "معيار الانتخابات النيابية"؟.

-ثالثاً: "الوضع الإقتصادي". عنوان يتسلّح به الجميع للضغط باتجاه الإسراع بتشكيل الحكومة. الإنهيار، التصدّع، الليرة اللبنانية، المصارف، العقوبات وغيرها كانت وما زالت أجراس إنذار وتحذيرات تتقاذفها الألسن.

ولكن، عن أي دراسة اقتصادية يتحدّثون؟ على أيّ سياسة اقتصادية يرتكزون؟ ما مدى جدّية خطورة انهيار الوضع الاقتصادي؟. بعضهم يحسم السقوط والبعض الآخر يـطمئن... أرجوحة يتمرجح عليها الشعب الذي يحيا في نظام يفتقد آلية تفعيل الشفافية والمواطَنة.

نظام لم يعتَد على بسط السياسات أمام الرأي العام لإشراك المواطن في الرأي والقرار والحكم. فبين السياسات المصرفية و​العقوبات الأميركية​ وغياب الرؤية الاقتصادية الواضحة واعتبار توصيات مؤتمر "سيدر" المخلّص الأوحد؛ ضاعت حقيقة "الوضع الإقتصادي".

إنّ الأحزاب في لبنان باتت تشكل سلطة وطنية تنبثق منها معظم السلطات. لا عجب أن يرفض بعضها المستقلون. نعم، الأحزاب تلعب دورا إيجابيا محليا لشراكتها في الوطن ولكن، هي ليست كلّ الشعب.

في ظل التقاتل على الملكيّة الشكليّة للعناوين، وقعت السلطة في أتون ضياع الأساس .عن دراية أو غير دراية ما يبدو للداخل والخارج أن السلطة تخدع الشعب. مخطّط تقسيمي اجتماعي ينذر بالأسوأ، فالوضع الاجتماعي ليس أقلّ خطرا من الوضع الاقتصادي والشعب حتماً يصحو.