خلال مرحلة الحملات الإنتخابية، حرص رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ على التأكيد بأنه على اللبنانيين أن ينتظروا منه "نيولوك" أو "سعد الحريري 2018"، لكن ما لم يكن يتوقعه أن يكون عليه، بعد هذا الإستحقاق، التعامل مع "نيولوك" من جانب "​حزب الله​"، الذي قرر الدخول إلى الملفات الداخلية بشكل أكبر.

هذا الواقع، من جانب الحزب، يعود إلى ما لمسه، خلال الحملات الإنتخابية، من إعتراض في قواعده الشعبية، لا سيّما في دائرة بعلبك الهرمل، على تردّي الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة والإنمائيّة، الأمر الذي دفع بأمينه العام ​السيد حسن نصرالله​ إلى التوجه، شخصياً، للناخبين في أكثر من مناسبة، وأخذ القرار بعدم التهاون مع الملفات المحلية، نظراً إلى أن جمهور الحزب يحمله المسؤوليّة المباشرة، حيث أنه في كل مرّة يعيد تجديد الثقة بمرشّحيه.

وتشير مصادر سياسيّة مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ هذا التحوّل هو الذي دفع الحزب إلى تكليف عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​حسن فضل الله​ متابعة ملفّ ​مكافحة الفساد​، بعد أن تبنى برنامجاً إنتخابياً يقوم على مواجهة الفساد والإهتمام بقضايا المواطنين المعيشية والحياتية، على أن تتم متابعة هذا الأمر مباشرة من قبل السيد نصرالله. وتلفت إلى أن الحزب يدرك جيداً أن الناخبين جددوا الثقة بمرشحيه، بناء على الوعد الذي قطع لهم من جانب أمين عام الحزب، وبالتالي لا يمكن أن يخذلهم في هذا المجال، نظراً إلى أن الصرخة في الإنتخابات المقبلة ستكون أعلى.

بعد الإنتهاء من الإستحقاق الإنتخابي، جاء موقف الحزب في المشاورات الحكومية، حيث سارع إلى المطالبة بالحصول على حقيبة خدماتية، بعد أن كان في السابق يكتفي بالحقائب العادية، مثل الصناعة والشباب والرياضة، وأصر على هذا المطلب رغم الصراع الكبير على هذه النوعية من الحقائب بين مختلف القوى، بالإضافة إلى التهويل بأن الولايات المتحدة الأميركية ستعمد إلى قطع المساعدات التي تقدمها، في حال تولّى هذه الوزارة شخصية محسوبة على الحزب، وهو الأمر الذي عبر عنه صراحة رئيس الحكومة المكلّف، كما أنه بدأ بالتحضير لملفاتها مسبقاً.

خلال الفترة نفسها، كان الحزب يدعو إلى أخذ مطلب حلفائه بالتمثيل في عين الإعتبار، لا سيما النواب السنة المستقلين، إلا أن أحداً من المعنيين لم يكن يتوقع أن يخرج السيد نصرالله بهذه اللهجة الحادة في تناول الموضوع، نظراً إلى أن هؤلاء ما كانوا يعتقدون أن الحزب كان جادًّا في هذا الطرح، أو من الممكن أن يذهب إلى عرقلة الولادة الحكومية من أجل ذلك، فالحزب يدرك جيداً أنه بحاجة إلى جميع حلفائه في هذه المعركة، التي ستكون أصعب من معركة التحرير التي خاضها في وجه الإسرائيلي.

في خطاب أمين عام الحزب الأخير، هناك أكثر من نقطة ينبغي التوقف عندها، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، أبرزها الإشارة إلى أنه كان يتعامل مع الملفات الداخلية بـ"تواضع"، وهو ما لن يستمر على هذا المنوال في المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى التلميح من جانبه إلى أنّ الملفّات التي ستطرح على جدول أعمال مجلس الوزراء، لا سيّما الإقتصاديّة والإجتماعيّة، ستكون عرضة لنقاش كبير من قبل ممثّلي الحزب، ما يعني أنه لن يتعامل معها كما كان في السابق، وهذا القرار متّخذ على أعلى المستويات، ومعالمه ستتظهّر بشكل أوضح في المرحلة المقبلة.

في العام 1992، خاض "حزب الله" الإنتخابات النيابيّة للمرة الأولى، إلا أنه بقي مبتعدًا عن السلطة التنفيذيّة حتى العام 2005، حين شارك في حكومة رئيس الحكومة الأسبق ​فؤاد السنيورة​، لكن عملياً كان بعيداً عن الدخول بشكل مباشر في لعبة المحاصصة الداخلية. إلا أنه اليوم، على ما يبدو، بات على حلفاء الحزب وخصومه معاً، أن ينتظروا النسخة الجديدة منه، حيث يرفع من خلالها لواء المشاركة ومحاربة الفساد.