صدمت أرقام حالات "​الطلاق​" في المحاكم الجعفرية الرأي العام ال​لبنان​ي عموما والشيعي خصوصا، فقيل أن عددها وصل عام 2018 الى 8000 حالة طلاق، مع العلم أن دراسة نُشرت العام الماضي تشير الى ان حالات الطلاق في كل لبنان وعند كل الطوائف وصلت الى 8580 حالة.

مع نهاية عام 2015، وتحديدا في الشهرين الاخيرين منه سجّلت المحكمة الجعفرية في ​محافظة النبطية​ 46 حالة طلاق، وكشفت مصادر في المحكمة عبر "النشرة" أن نسبة الطلاق بالنبطية ومحيطها تلك السنة بلغت 25 بالمئة، إذ إنّ مقابل كل مئة حالة زواج خمسة وعشرين حالة طلاق، مشيرة الى أن هذه النسبة المرتفعة إجمالا تختلف من عام الى آخر، وليس هناك من جهة رسمية مركزيّة تحصي حالات الانفصال في كل لبنان بدقة لتكون مصدرا لدراسات متنوعة يُمكن ان تجري على أساسها.

"الرقم 8000 حالة طلاق في المحاكم الجعفرية هو غير صحيح ولا يعكس حقيقة الوضع"، قالت مصادر المحكمة الجعفرية في النبطيّة، مشددة على أن عدم الصحة أو الدقّة يسري على الأرقام التي تتحدث عن حالات الطلاق في المحافظات عام 2017"، كاشفة أن "النسبة المئوية للطلاق لا تزال تتراوح بين 25 و28 بالمئة، والتي هي بالمناسبة نسبة مرتفعة وينبغي التوقف عندها".

كما كشفت المصادر أن المحكمة الجعفرية في النبطية سجلت منذ بداية عام 2018 حتى منتصف شهر تشرين الثاني منه، 350 حالة طلاق، مقابل 1304 حالات زواج، أي تقريبا ما نسبته 26 بالمئة.

بعد الإطلاع على أعداد حالات الطلاق في محافظة النبطية هذا العام، تكشف المصادر أن أمرا لافتا تحويه النسبة وهو ان أغلب المطلّقين هم دون عمر الـ30 عاما، وهذا ما يستدعي الدراسة واستخلاص النتائج والعبر.

أسباب كثيرة تؤدي الى الطلاق في عمر صغير، او خلال الفترة الاولى من عمر الزواج، أبرزها "أربعة" بحسب المتخصص في علم النفس ​محمد بدرا​، الذي أشار في حديث لـ"النشرة" الى أن السبب الاول هو التقليدي المتمثّل باختيار الزوجة من قبل الاهل. وقال: "لا يزال شبابنا يسمحون للأهل باختيار الشريك، سواء برفض اختيار الأبناء او بالاقتراح عليهم، وهذا قد يؤدي الى فشل العلاقة الزوجية بعد التجربة بأشهر قليلة قد لا تصل الى سنة أحيانا".

ورأى بدرا أن السبب الثاني يتمثّل بـ"اتساع الحيّز الاجتماعي للقاء الأفراد، فبعد أن كان ضيقا ومحصورا بالمعارف الشخصيين والجيران، أصبح اليوم واسعا عبر وسائل التواصل بمختلف تسمياتها، فأصبحت فرص "التعارف، والخيانة، ولو فكريا" متوافرة بشكل كبير للرجل والمرأة، ما قد يخلق ازمة عدم رضى أحدهما عن الآخر، فيزيد النفور".

السبب الثالث أيضا وبحسب المتخصّص المذكور هو "ارتباط صورة الرجل الخارق او المرأة الخارقة في لاوعي الشباب، وهذا الرجل أو تلك المرأة لا يتواجدان سوى في الأفلام والاعلانات، لذلك عندما يدخل الطرفان الحياة الزوجية يخيب ظنهما اذ ان الحقيقة لا تعكس ما كانا يتخيّلانه، ما يدفعهما للاستمرار بالبحث علما أنهما لن يجدا ما يظنان أنه موجود".

لا يغيب عن بال بدرا الحديث عن السبب الاقتصادي كسبب رابع، اذ لفت النظر الى ان الضغوطات الاقتصاديّة التي يتعرض لها الزوجان قد تصبح غير محمولة، ما يجعلهما يعلنا فشل الشراكة الزوجيّة تماما كما تُعلن الشركة إفلاسها ماليا".

هذه أبرز الأسباب الرئيسيّة التي تؤدّي الى طلاق مبكر، ولكن هذا لا يعني أن هناك أسبابا أخرى قد تكون ثانويّة مثل انتشار العلاقات الجنسيّة الكثيرة خارج الاطار الزوجي، ما ينعكس سلبا على العلاقة الزوجيّة إن كان من حيث التفضيل بين علاقة وأخرى او من حيث اكتشاف فعل الخيانة.

ليس الزواج "رحلة" صيفيّة، بل مؤسسة بحاجة الى أسباب موجبة تضمن بقاءها، لعل أهمها "الاحترام"، والعمل بالمبدأ الذي يقول "القناعة كنز لا يفنى".