كشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن اتفاقا فلسطينيا جرى برعاية أمنية لبنانية، من أجل بقاء الوضع السياسي والأمني في ​مخيم المية ومية​ على ما هو عليه دون أي تغيير او تعديل ميداني في هذه المرحلة على الاقل، بعدما أسدلت الستارة على نتائج الاشتباكات العسكريّة التي حصلت بين حركة فتح" و"انصار الله"، وأدت الى سقوط أربعة قتلى وأكثر من ثلاثين جريحا، والى هروب أمين عام "انصار الله" جمال سليمان وعائلته ومرافقيه مع الحفاظ على بقاء وجود حركته داخل مربعه الامني عند الطرف الشرقي للمخيم بقيادة نائبه ماهر عويد.

وفق معلومات خاصة بـ"النشرة"، فقد جرت محاولة لتغيير الواقع الميداني في المخيم كإستثمار لنتائج الاشتباكات الأخيرة وقد أدت الى توتر ملحوظ وكادت تقع مشكلة، تمثلت بتموضع حركة "فتح" في مبنى "أحمد الرشيد" المؤلف من عدة طبقات وفيه مقر "الهلال الاحمر الفلسطيني" المقفل منذ فترة، الا ان حركة "حماس" اعترضت على هذا التموضع لسببين، الأول ان احد كوادرها يقطن في الطابق الاول ما قد يؤدي الى احتكاك دائم، والثاني لانه بات في مربعها الأمني.

وأوضحت المصادر، أن اللافت في هذا التموضع انه جاء خلال الاجتماع مع الثنائي الذي عقد بين القيادتين السياسية لحركتي "فتح" برئاسة أمين سرها في لبنان فتحي ابو العرداـت و"حماس" برئاسة المسؤول السياسي في لبنان احمد عبد الهادي "ابو ياسر" في مقر "الاتحادات" الفلسطينية في صيدا، فطلبت فتح استمهالها بعض الوقت لمراجعة المستوى العسكري لهذه الخطوة، وانفض الاجتماع على وعود دون ان يعاد سحب العناصر التي تموضعت في المبنى.

واكدت المصادر، ان التوتر بلغ ذروته ليلا مع اصرار حركة فتح" على التموضع على اعتباره أنه حق لها بعدما استأجرت طابقا في المبنى وعلى اعتبار ان مقر الهلال يتبع لها، فيما اصرت "حماس" على رفض الامر واعتباره محاولة لتغيير الواقع الميداني ما يفتح الباب على توترات متنقلة خلافا للجهود السياسية المبذولة للتهدئة وعودة الحياة الى طبيعتها في المخيم بعد الاشتباكات الاخيرة.

وقد أجرت قيادة "حماس" سلسلة من الاتصالات على أعلى المستويات، مع القوى والأحزاب اللبنانية السياسية والأمنية، انتهت بعقد اجتماع ثنائي في ثكنة محمد زغيب في صيدا، بين وفد من حركة "فتح" برئاسة ابو العردات، ووفد من حركة "حماس" برئاسة عبد الهادي، خلص بعد وقت طويل وشرح مستفيض الى اتفاق على ان يبقى الوضع على ما هو عليه دون أي تغيير أو تبديل، بحيث تبقى "المربعات الامنية" لكل طرف سياسي كما هي، دون أن يقوم اي طرف بالتموضع في غير مربعه لقطع الطريق على أي توتر أو اشكال في هذه المرحلة ريثما تتضح صورة ما ستؤول اليه الاوضاع مستقبلا وخاصة بعد تشكيل الحكومة اللبنانية، بحيث يتردّد طرحان متلازمان، الأول: رغبة لبنانية ذات مستوى سياسي عالٍ لاستعادة ممتلكات اللبناييين داخل مخيّم المية وميّة، والثاني: البحث في آلية جديّة لتنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيم قد يصل الى حد التوافق على سحبه.

ويتحكم بمعادلة المخيم السياسية والأمنية ثلاثة فصائل فلسطينية بشكل رئيسي، هي حركة "فتح" وحركة "حماس" و"انصار الله"، وكانت تتشارك في اتخاذ القرارات عبر قوة امنية مشتركة جرى حلها مؤخرا، وقد جاءت الاشتباكات الاخيرة لتوقيف تقدّم حركة "فتح" الميداني باتّجاه المربع الامني لسليمان، بالمقابل ضعفت حركة "أنصار الله" دون الغائها بالمطلق، فيما حافظت "حماس" على حضورها كما هو.

بموازاة هذا الاتفاق، شهد المخيم سلسلة من التطورات للدفع نحو عودة الحياة الى طبيعتها، اولها، جولة مدير عام وكالة "الأنروا" في لبنان كلاوديو كوردوني، يرافقه مدير منطقة صيدا في الوكالة الدكتور ابراهيم الخطيب ومساعدة كوردوني كريستين موسى. ثانيها، الجولة السياسية التي قامت بها حماس على القوى السياسية اللبنانية واكد خلالها عبد الهادي على ضرورة ان تتكاتف الجهود من اجل بلسمة جراح الناس وعودة الحياة الى طبيعتها، وثالثها، مباشرة جمعية "نبع" ووكالة "الاونروا" والمجلس النرويجي للمساعدات الشعبية عملية احصاء الاضرار التي نتجت عن الاشتباكات الاخيرة بدءا من اليوم الاثنين.

وكانت "النشرة" قد حصلت على نتائج مسح اولي قامت به مؤسسات فلسطينية عن حجم الاضرار في المخيم حيث تبين ان نحو 15 منزلا تضرر بالكامل، و66 منزلا بحاجة الى ترميم شبه كلي أو جزئي، و53 بحاجة الى صيانة نتيجة اضرار لحقت بالمنازل في النوافذ وخزانات المياة والابواب والزجاج وسواها، و33 سيارة تضررت، اضافة الى نزوح الكثير من العائلات حيث فضل بعضها البقاء خارج المخيم لمدة شهرين او ثلاثة بعد استئجار منازل بديلة في منطقة صيدا ومحيط المخيم، فيما تسلمت اللجنة الشعبية الفلسطينية في المخيم 50 خزان مياه سعة 1000 لتر من المجلس النرويجي للمساعدات لتوزيعها على العائلات المتضررة، على ان يتم استلام دفعتين خلال الأسبوع المقبل، حيث سيصل العدد الاجمالي الى 150 خزانا.

وكانت اللجنة الشعبية قد تسلمت "محوّل" كهرباء لاعادة التّيار الى احياء المخيم، فيما تعتزم جمعية "نبع" ومعها وكالة "الاونروا" والمساعدات النرويجية اجراء مسح حول الاضرار في المخيم بداية الاسبوع المقبل.