منذ دخول الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ إلى البيت الأبيض، برز بشكل لافت إعتماده على حليفين أساسيين في الشرق الأوسط: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​، لا سيما أنهما شريكاه في ما يعرف بـ"صفقة القرن".

في الوقت الراهن، يواجه كل من نتانياهو وبن سلمان تحديات خطيرة، الأول على المستوى المحلي بينما الثاني على المستوى الدولي، الأمر الذي يدفع إلى طرح علامات إستفهام حول قدرة ترامب على إنقاذهما، خصوصاً أنه لم يبد، حتى الآن، أي رغبة في التخلي عنهما، بينما هو يواجه، في الوقت نفسه، ضغوطاً من جانب الكونغرس، لا سيما بعد سيطرة "الديمقراطيين" على مجلس النواب، ويفكر في الإنتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2020.

في هذه المرحلة، يسعى ترامب إلى إبعاد أصابع الإتهام عن ولي العهد السعودي، في المسؤولية عن جريمة قتل الصحافي السعودي ​جمال خاشقجي​ في قنصليّة بلاده في اسطنبول، بأي ثمن، نظراً إلى الإتفاقيات الماليّة الضخمة بين الجانبين، الأمر الذي دفعه إلى تجاهل الخلاصة التي توصل إليها تقرير وكالة الإستخبارات الأميركيّة، ومن المقرّر أن يقدّم كلمة واشنطن الأخيرة في هذه القضية خلال الساعات المقبلة بحسب ما أعلن.

هذه "الكلمة"، من المرجح ألاّ تكون بعيدة عن مواقف ترامب منذ بداية الأزمة، التي كانت تركز على توجيه الإتهام إلى مسؤولين مع المملكة بالتزامن مع السعي إلى تبرئة بن سلمان حتى ولو كان هؤلاء من المقربين لولي العهد، بغض النظر عن كل "الأدلة" التي وضعت على طاولته، فهو يُصر على القول أن أحداً لا يستطيع أن يعرف ما إذا كان الرجل الأقوى في المملكة مسؤولاً عن هذه الجريمة أم لا، لكن هل يملك القدرة على ذلك في ظل الضغوط التي يواجهها على المستويين الدولي والمحلي، خصوصاً مع إصرار أعضاء بارزين في الكونغرس على توجيه الإتهام إلى ولي العهد السعودي، بالإضافة إلى إستمرار الجانب التركي في تسريب المزيد من المعلومات حول هذه الحادثة؟!.

بالتزامن، تأتي الضغوط التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بسبب نتائج المواجهة الأخيرة في قطاع غزة، التي أظهرت فشل نظرية الردع الإسرائيليّة، فمنذ الإعلان عن وقف إطلاق النار إنطلقت مسيرات مندّدة بسوء الأوضاع الأمنية في مدن غلاف القطاع بالإضافة إلى العاصمة تل أبيب، بينما على المستوى السياسي أعلن وزير الدفاع ​أفيغدور ليبرمان​ عن استقالته، في وقت سعى رئيس الوزراء إلى منع حلفائه في اليمين من دفعه نحو تفكيك الحكومة وحلّ الكنيست، تحت ذريعة أنه "ليس من الصواب تبكير موعد الانتخابات في ظل الأوضاع الأمنيّة الحسّاسة".

هذا الواقع، يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام خيارين: الذهاب إلى إنتخابات مبكرة يكون فيها في موقع "الضعيف" ما يعني إحتمال تعرّضه لخسارة مدوّية، أو الذهاب إلى مواجهة عسكريّة نتائجها غير محسومة مسبقاً مع غزة، بينما هو عمد إلى الإعلان عن تسلّمه ​وزارة الدفاع​، رغم تراجع زعيم "البيت اليهودي" ​نفتالي بينت​ عن الإنذار الذي وجهه لنتانياهو بمنحه حقيبة الأمن أو الاستقالة من الحكومة الحالية.

إنطلاقاً من هذه المعطيات، يأتي السؤال عن واقع الرئيس الأميركي نفسه، الذي يواجه تحديات على المستوى الداخلي، حيث من الممكن أن يعمد الحزب "الديمقراطي"، بعد أن حاز على الأغلبيّة في مجلس النواب، إلى فتح باب المساءلة بوجهه، بالإضافة إلى فرض الكثير من القيود على عمله تحد من قدرته على تمرير ملفات أساسية من وجهة نظره.

في المحصلة، الأيام المقبلة ستكون كفيلة في معرفة التوجه الذي ستذهب إليه الأحداث، لكن الأكيد أن ترامب يواجه أوضاعاً صعبة، ناجمة عن الظروف التي يمر بها حليفاه في الشرق الأوسط، محمد بن سلمان وبنيامين نتانياهو، بالإضافة إلى حالة الإرباك الداخلي التي يمر بها، فهل يستطيع إنقاذهما؟.