أكد المبعوث الأميركي للشؤون السورية ​جيمس جيفري​ أن سياسية الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن ​سوريا​ واضحة جداً، حيث أن الولايات المتحدة تريد التخفيف من حدّة النزاع، لذلك رحّبت بوقف إطلاق النار في إدلب في أيلول الماضي وتريد تنشيط العمليّة السياسيّة بقيادة الأمم المتحدة بناء على القرار 2254، الذي يضع الأسس التي تسمح للشعب السوري الذي خرج من سوريا بالعودة إلى أرضه.

وخلال مؤتمر صحافي عبر الهاتف شاركت فيه "النشرة"، أشار إلى أن هذا الأمر بالغ الأهمية لإنهاء هذا النزاع والحفاظ على الأمن في المنطقة، مشدداً على أن "كل الدول المجاورة معنية بهذا النزاع وإمكانية تمدده تبقى دائماً قائمة، بحال لم نعمل معاً لوضع حد نهائي له وإيجاد حلّ سياسي".

على صعيد متصل، أوضح جيفري أن المهمة القتاليّة للجنود الأميركيين المتواجدين في سوريا هي دحر تنظيم "داعش" الإرهابي، لكنه لفت إلى أن "وجودنا بشكل عام له أبعاد إقتصادية وأمنيّة وعسكريّة، ولدينا شركاء وحلفاء على الأرض، وكل ذلك يركّز على الهزيمة الدائمة لـ"داعش" ومغادرة كافة القوّات الخاضعة لإيران كامل الأراضي السوريّة وتنشيط عمليّة سياسيّة لا عودة فيها، وبالتالي علينا أن ننظر إلى ما نقوم به بشكل عام وليس ما تقوم به قواتنا اليوم أو حلفاؤنا".

كما أشار جيفري إلى أن الولايات المتحدة لا تعتقد أن النظام السوري يجب أن يحصل على تمويل لإعادة الإعمار من أيّ جهة كانت، قبل أن يعبر عن رغبته في المساهمة في العمليّة الإصلاحيّة السياسيّة.

ورداً على سؤال، أكّد المبعوث الأميركي للشؤون السوريّة أن الولايات المتحدة كان لديها مراقبين في بعض الأحيان في مسار آستانة، لكن هذا المسار هو آلية لتخفيض النزاع وعدم التضارب بين الدول الثلاثة الفاعلة في النزاع الداخلي، سواء تركيا أو روسيا أو إيران، مشيراً إلى أن واشنطن لم تكن جزءاً من هذا المسار وتعتقد أن هدفه محدود جداً، مضيفاً: "وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في إدلب لم يكن من خلال مسار آستانة بل من خلال إتفاق بين روسيا وتركيا بشكل مستقل"، مشيراً إلى أننا "نعمل على عدم حصول تصادم في عملياتنا العسكرية مع روسيا".

وشدد جيفري على أن الولايات المتحدة الأميركية والتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادتها أديا دوراً محورياً في هزيمة "داعش" في غالبية المناطق العراقيّة وشرق سوريا، قائلاً: "ما يتعلق بالعمليات التقليدية انتهى تقريباً، ونحن متأكدين من أننا في الأشهر المقبلة سوف ننجح على طول نهر الفرات، لكن المسألة الطويلة الآمد، في سوريا والعراق، هي الهزيمة الدائمة لـ"داعش"، أي تطوير الآليّة السياسيّة والعسكريّة والحوكمة من الشركاء المعنيين، لضمان عدم عودة "داعش" كما حصل في عامي 2013 و2014".

من ناحية أخرى، أشار جيفري إلى أن "التخوف الأساسي بالنسبة إلى الأردن، كما عبر لنا مسؤولين أردنيين، هو الدخول الإيراني إلى مناطق محاذية للأردن وبقاء القوات الإرهابية على الحدود الأردنيّة"، لافتاً إلى أن "الأردن عانى بشكل كبير من العمليّات الإرهابيّة ونحن ملتزمين بأمنه"، موضحاً أنه بالنسبة إلى أمن إسرائيل "الموضوع أصعب بسبب نشر القوات الإيرانيّة أنظمة أسلحة في سوريا استخدمت مرّتين خلال السنة الماضية، بينما ردّت تل أبيب على ذلك وتفاقم الموضوع وصولاً إلى إسقاط طائرة روسيّة، وهذا الأمر ربما حصل عن طريق الصدفة أو كان مقصوداً".

وأوضح أن "وجودنا يشير إلى التزامنا بأمن سوريا، سواء كان ذلك بوجه قوات "داعش" أو التركيز دبلوماسياً تجاه إيران، التي بسبب أعمالها المزعزعة ساهمت في صعود داعش في سوريا والعراق"، مشدداً على أنه "يجب أن يكون هناك عملية سياسيةّ تؤدي إلى إصلاح الحكومة السوريّة وإخراج كل القوات الأجنبيّة التي دخلت منذ العام 2012".

ورداً على سؤال حول سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الأميركي وتأثير ذلك على السياسة الأميركية تجاه سوريا، اعتبر جيفري أنه "يجب علينا الإنتظار حتى شهر كانون الثاني ليتشكّل الكونغرس الجديد"، معرباً عن تفاؤله بأن "سياستنا الأساسية في سوريا حصدت دعماً كبيراً محلياً في الولايات المتحدة".

أما بالنسبة إلى قمة اسطنبول، أوضح أن "الولايات المتحدة عملت عن كثب مع الأتراك والفرنسيين والألمان والروس لضمان أن تقوم قمة اسطنبول بتفعيل وتنشيط العمليّة السياسيّة وتخفيض حدّة النزاع، وهذا ما فعلته من خلال دعوتها إلى وقف النزاع في إدلب بشكل دائم، وتشكيل اللجنة الدستوريّة، والولايات المتحدة رحّبت ببيان القمّة".

وأكد المبعوث الأميركي للشؤون السوريّة أن ليس لدى الولايات المتحدة من إطار زمني لهزيمة "داعش" في سوريا، لكنها تأمل أن يتمّ ذلك بأسرع وقت ممكن.

من جهة ثانية، أشار جيفري إلى أن الولايات المتحدة تحاول أن توضح لروسيا أن "مصالحها الأساسيّة بأن يكون هناك حكومة سوريّة صديقة لها ومواقع عسكريّة في سوريا لا نحاول تغييرها، لكن لمصلحتها أن نكون شركاء لها وأن تكون الحكومة السوريّة الموجودة مدعومة من الشعب السوري"، مؤكداً أنه "لا يمكن للمجتمع الدولي أن يدعم حكومة لديها مثل هذه الممارسات السيّئة، وعلى روسيا أن تبذل قصارى جهدها لتغيير هذه التصرفات من جانب الحكومة السورية".

ورداً على سؤال، رفض جيفري "تعريف المليشيات التي تحت قيادة إيران بديانتها"، لافتاً إلى أننا "نحاول أن نوضح لروسيا أن هذه القوات ليست موجودة فقط لدعم نظام الأسد، بل لتحقيق أهدافها الطويلة الأمد في المنطقة، أي الهيمنة الإقليميّة وتحقيق منافعها وتحويل السلطة في سوريا، كما فعلت في لبنان واليمن وكما حاولت في دول أخرى".