أكّد المدير العام ل​وزارة التربية​، ​فادي يرق​، أنّ "النظرة العامة إلى المدرسة الرسمية ليست علمية، وهي خاطئة في كثير من المقاربات. هناك ظلم للقطاع التربوي الرسمي"، مبيّنًا أنّه "تمّ وضع خطة عمل خمسية لتطوير القطاع في الأعوام بين 2010 و2015، لكن الأحوال في ​لبنان​ من أزمات سياسية، ومن ثمّ ​الأزمة السورية​ تحديدًا، كلّها عوامل حالت دون تنفيذ الخطة وتطوير القطاع".

وركّز في حديث صحافي على "أنّنا نحتاج إلى استقرار لإرساء الخطط وحصد نتائجها في الأجيال الّتي تتعاقب على المدرسة الرسمية، فالأزمة السورية أثّرت على الالتحاق بالمدرسة الرسمية. واليوم لدينا 51 في المئة من التلاميذ السوريين مقابل 49 في المئة من اللبنانيين في مرحلة التعليم الأساسي".

وأقرّ يرق أنّ "لا سياسة رسمية واضحة حيال ​المدارس الخاصة​"، موضحًا أنّ "لبنان يشهد نموًّا كثيفًا في قطاع التعليم الخاص بمعزل عن المواصفات الجديدة الجيّدة. ربما 25 في المئة من هذه المدارس لديها مستوى جيّد، في حين أنّ أكثر من 20 في المئة من ​المدارس الرسمية​ لديها مستوى جيّد. لا تصحّ المقارنة بين الخاص والرسمي، فالتفاوت هو نفسه".

ونوّه إلى أنّ "مردّ ذلك إلى ثقافة سارية لدى الأهالي، فهم يفضّلون تعليم أبنائهم في مدرسة خاصة في مراحل ​الروضة​ والابتدائية والتكميلية. وهذه الثقافة تتبدّل لمصلحة ​التعليم الرسمي​ عندما يتعلّق الأمر بالمرحلة الثانوية. وعدد التلاميذ ونسبهم في المرحلة الثانوية أفضل منه في المراحل التعليمية الأصغر"، مشيرًا إلى أنّ "مرحلة الروضة تعمل على إثبات جدارتها، مع إعداد معلمين اختصاصيين، إضافة إلى تجهيزات ولوازم مناسبة. بالتالي، يفترض أن يتحسّن وضعها في المدى المنظور وترتفع نسبة الإقبال".

وأكّد يرق أنّ "بعض المدارس الرسمية في حاجة إلى بناء مدرسي ملائم ولو بالحدّ الأدنى. وهذا ما نعمل على استدراكه، لكن الأمر دونه صعوبات"، مفسّرًا أنّ "المفروض إنشاء تجمعات للمدارس، فالروضات والمدارس الإبتدائية يجب أن تكون قريبة من المنازل في الأحياء والقرى، والمتوسطة يمكن أن تتمركز بين مجموعة أحياء. أما المدرسة الثانوية، فيجب أن تكون في مجمعات تشمل قطاعًا كبيرًا من المناطق، بحيث يمكن الاستفادة من ​البنى التحتية​ والمنشآت واللوازم وتجميع هيئة تعليمية. ففي لبنان لا مشكلة في المواصلات والوصول إلى المدرسة".

ولفت إلى "الجهد المبذول على صعيد المناهج"، مشدّدًا على أنّ "المطلوب تعزيز اللغات، لأنّ اللبناني يتميّز بقدرته على إتقان العربية والفرنسية والإنجليزية وهذه ميزة تسمح له بتحصيل مزيد من الثقافة العامة، وتفتح له أبواب المعرفة وأسواق العمل بعد تخرجه. كذلك، المطلوب تعزيز تطوّر التكنولوجيا، إضافة إلى دمج مفاهيم الاقتصاد الحديثة بالمواد العلمية"، مركّزًا على "أنّنا نحتاج إلى تعزيز خدمة المجتمع ومفهوم قبول الآخر والمواطنة منذ الصفوف المدرسية. ولتحقيق هذه الأهداف، يلزمنا غطاء سياسي لبناء جيل من المواطنين بمعزل عن استخدام وزارة التربية للخدمات السياسية، وإنّما لوضع سياسات تربوية مرتبطة بالتزامات لبنان، مثل الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030".

عن إعداد المدرسين، أفاد بأنّ "مع توقّف دور المعلمين والمعلمات عن إعداد الجسم التعليمي ورفد المدارس الرسمية بالمدرسين، باتت وزارة التربية تعمل على سدّ النقص من خلال الناجحين في المباريات الّتي يجريها ​مجلس الخدمة المدنية​، بحيث يصار إلى إعدادهم في كلية التربية، ومن ثمّ توزيعهم على المدارس. أمّا تلبية الحاجة الطارئة والمستجدة، من بينها أساتذة المواد الإجرائية، فيصار إلى تأمينهم من خلال التعاقد"، مؤكّدًا أنّ "هناك ضرورة للمواءمة والتنسيق بين التدريب المستمر والإرشاد المهني، وتطوير طرائق التعليم لتعزيز مهارات القرن الـ21، مع الإشارة إلى أنّ لدينا نسبة كبيرة من متعاقدين تجاوزوا سنّ الرابعة والأربعين، ولا يمكن الاستثمار بإعدادهم".

عن ظاهرة مدارس من دون تلاميذ، أعلن يرق أنّ "هذا واقع ندركه في بعض القرى النائية، حيث تدنّى عدد التلاميذ نتيجة النزوح الداخلي من الريف والجبل، لكن لا يمكن أن نغفل حق كل تلميذ في التعلم؛ فهذا واجب على الدولة، فإذا كان في قرية ما عدد محدد من التلاميذ، نرى أن من واجبنا أن نبادر إلى تأمين طاقم علمي لهم، ولو كانت تكلفة هذا الطاقم عالية نسبة إلى عدد الأولاد، فالمهم أن ينال التلميذ حقه من التعلم من جهة، وتثبيت الأهالي في قراهم من جهة أخرى، لا أن ندفعهم إلى النزوح، أو دفع الطفل إلى الأمية".