في ظل الإنشغال الرسمي في عيدي المولد النبوي والإستقلال، بدأت بعض الأوساط السياسيّة بالتفكير في طرح فكرة حلّ لعقدة تمثيل النواب السنة المستقلين، لتسهيل ولادة الحكومة بعد 6 أشهر من تكليف رئيس الحكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ بالمهمّة، نظراً إلى صعوبة الإستمرار في الواقع الحالي فترة أطول في ظل التحديات المعروفة.

في آخر المعطيات، يرفض تيار "المستقبل" القبول بالنتيجة التي توصلت إليها مبادرة رئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​، بعد إجتماعه مع أعضاء اللقاء التشاوري في منزل رئيس حزب "الإتحاد" ​عبد الرحيم مراد​، نظراً إلى أنها تعني حصر دور رئيس الحكومة المكلف بالحصة السنّية فقط، كما أنها تعني من جهة ثانية تحميله مسؤولية المعالجة وحده، من خلال سحب المقعد المسيحي، الذي يحصل عليه نتيجة المقايضة مع رئيس الجمهوريّة العماد ​ميشال عون​، مقابل حصول النواب السنّة من المعارضة المستقلين على المقعد السني، الذي كان قد ذهب إلى رئيس الجمهورية.

في المقابل، بات أعضاء "اللقاء التشاوري" أكثر تشدداً في مطلبهم، لا سيما بعد حصولهم على إعتراف بحقّهم في التمثيل من قبل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، بينما كانت مواقف كل من أمين عام "​حزب الله​" السيد حسن نصرالله ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ ورئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية حاسمة على هذا الصعيد، وبالتالي باتت المعالجة تتطلب إجتماع الحريري مع النواب السنّة المستقلين.

من وجهة نظر هذه الأوساط، الحلّ من المفترض أن يكون على قاعدة "تقاسم الأعباء" بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، نظراً إلى شراكتهما في عملية تأليف الحكومة بحسب الدستور، وبالتالي لا يكون تعويض النواب السنّة المستقلين من حصّة أحدهما على حساب الآخر، سواء كان الوزير الذي سيحصلون عليه من حصة عون أو من حصة الحريري.

وتنطلق الأوساط نفسها من النقطة الأخيرة التي توصّل إليها رئيس "التيار الوطني الحر"، أي وقف المقايضة بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلّف، لتطرح أن يبدأ الحل من هنا لكن على أن تؤخذ حصة "اللقاء التشاوري" من عون والحريري معاً، من خلال تقاسم المقعد المسيحي الذي سيعود إلى الأول بينهما، أي التوافق بين الرجلين على شخصيّة مشتركة، وبذلك تكون حصة عون مع تكتل "لبنان القوي" 10 وزراء ونصف، بينما حصة الحريري مع تيار "المستقبل" 5 وزراء ونصف، وبالتالي لا يكون الحل على حساب أيّ منهما بشكل كامل.

بالنسبة إلى الأوساط السياسيّة، هذا الطرح يعود إلى صعوبة أن يوافق رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة المكلف على أن يكون الحل من حسابهما، أي أن يتخلّى أحدهما عن حصته بوزير بشكل كامل، في حين تصطدم عمليّة التأليف من دون تمثيل النواب السنّة المستقلين بجدار كبير يتمثل بموقف قوى الثامن من آذار، لا سيما "حزب الله" الذي يرفض تسليم أسماء ممثّليه قبل إرضاء أعضاء "اللقاء التشاوري"، وتشير إلى أن دعوة الحريري إلى التوافق مع اللقاء على شخصيّة مشتركة أمر غير ممكن، نظراً إلى صعوبة وجود مثل هذه الشخصيّة، بينما توافقه مع رئيس الجمهوريّة على شخصيّة مسيحيّة تبقى أمرا واردا.

وترى هذه الأوساط أنه بعد الإتفاق على هذه النقطة، التي تعني بشكل أو بآخر الإعتراف بحق النواب السنّة المستقلين في التمثيل، يمكن الإنطلاق إلى مرحلة الشكل، أي البحث في ما إذا كان ذلك سيكون بواحد من نواب سنة 8 آذار أو بشخصية أخرى يتم تسميتها من قبلهم، كي يكونوا أيضاً شركاء في تقاسم الأعباء، وبالتالي لا يكون الحلّ على حساب أيّ فريق بل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.

بالتزامن، تشير الأوساط نفسها إلى وجود طرحين آخرين يتم التداول بهما أيضاً: الأول يقوم على قاعدة رفع عدد أعضاء الحكومة إلى 32 بشكل يضمن تمثيل الأقليّات المسيحية والعلويين، على أن يحصل الحريري على المقعد المسيحي، بعد وقف المقايضة مع رئيس الجمهورية، بينما يسمّي عون العلوي مقابل تمثيل "اللقاء التشاوري" من الحصة السنّية، أما الثاني فيقوم على إقناع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على تسمية الوزير السنّي، الذي سيكون من حصته، بالتوافق مع النواب السنّة المستقلّين.

في المحصّلة، تضع الأوساط نفسها الطرح الأول على طاولة البحث لمنع تفاقم الأزمة، لا سيما بعد التلميح بإمكانيّة ذهاب النواب المسيحيين المستقلّين إلى المطالبة بتمثيلهم في الحكومة، الأمر الذي تعتبر أنه سيعقّد المشكلة أكثر.