بسحر ساحر سياسي عاد أهالي ​الموقوفين الإسلاميين​ الى الشارع من جديد للمطالبة بإقرار قانون عفو عام يفتح أبواب السجون لأبنائهم. وزّعوا عبر الواتساب دعوة للمشاركة في سلسلة إعتصامات ستنفذ في كل من ​طرابلس​ وصيدا والبقاع، بعد صلاة غد الجمعة. عنوان تحركهم "العفو مطلبنا وكرامة الإنسان حقنا"، " والهدف من هذه الحركات الضغط على جميع المسؤولين المعنيين بقانون العفو، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، بهدف إعادة القانون الى التداول السياسي من جديد بعدما وضع في الدرج بعد الإنتخابات النيابيّة الأخيرة"، تقول مصادر أهالي الموقوفين الإسلاميين.

في المقابل لا ينظر المتابعون لهذا الملف الى التحركات المرتقبة لأهالي الموقوفين الإسلاميين إلا من باب الإستغراب والمفاجأة وفي هذا السياق، تسأل مصادر متابعة " من هو الذّكي الذي إختار للأهالي هذا التوقيت غير المناسب لإعادة طرح ملف العفو العام في الشارع والمساجد؟ وهل يمكن لمن باءت مطالبته بالعفو بالفشل قبل الإنتخابات النيابية، بدفع السياسيين الى إقراره اليوم أي بعد الإنتخابات؟ وفي زمن يشهد فيه لبنان إنقساماً سياسياً حادّاً على خلفية تشكيل الحكومة، هل يمكن طرح ملف بحجم قانون العفو؟ وهل يتوقع المستفيدون منه إعادة تحريكه في ظرف سياسي كهذا"؟.

إذاً أهالي الموقوفين الإسلاميين سيتحركون من جديد، وحتى لو أن تردّدات حركاتهم لن تحدث الضجة المتوقعة، ستعود نغمة التحريض على الدولة والمسؤولين من على منابر المساجد، كيف لا، وأحد المشايخ الذي يحضر إسمه في إعترافات أكثر من إرهابي في المحكمة العسكرية وعلى رأسهم ​أحمد الأسير​ وخالد حبلص، سيكون من أبرز المتكلمين في إعتصامات الأهالي.

وفي عودة سريعة الى المرحلة التي كان فيها قانون العفو مطروحاً على طاولة المفاوضات، وتحديداً الى الظروف التي أدّت الى رميه في الدرج، تكشف مصادر نيابيّة بارزة أن العقبة الأساسية التي منعت الإتفاق السياسي على مسوّدة قانون العفو، كانت في القرار المتخذ من قبل الرئيس عون والذي يرفض فيه التوقيع على أي قانون عفو سيفرج عن مجرمين تورطوا بعمليّات إرهابية وتلطخت أيديهم بدماء عسكريين وضباط أكان في أحداث طرابلس بين جبل محسن وباب التبانة، أم في عبرا وبحنين وكذلك بالنسبة الى معارك عرسال ٢٠١٤ و٢٠١٧ إضافة الى ما شهدته البلدة الحدوديّة من إعتداءات بين هاتين المعركتين. كذلك كان هناك فيتو رئاسي على ضمّ جرائم القتل وتجارة المخدرات والخطف مقابل فدية الى لوائح المعفى عنهم.

لكل ما تقدم، توقّفت المفاوضات السياسيّة حيال قانون العفو وأجريت الإنتخابات من دون إقراره، وبما أن البلد اليوم من دون حكومة، وجلسات مجلس النواب تعقد فقط بالإتفاق بين رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ولتمرير ما يعتبره تيار المستقبل ضمن إطار تشريع الضرورة، فما من أحد يهتمّ لقانون العفو، وما من معني بين السياسيين يأتي حتى على ذكره في مجالسه الخاصة، كما وأنه لن يأتي على ذكره مهما تحرّك الأهالي ومهما حرّض بعض المشايخ ضد الدولة ورؤساء الجمهوريّة ومجلس النواب والحكومة.