على الرغم من التداعيات السلبية لعملية تعطيل تشكيل ​الحكومة​ المستمرة، بعد مرور أكثر من 6 أشهر على التكليف، يبدو أن رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ يستفيد من هذا الواقع بشكل أو بآخر، لا سيما من خلال الحملة التي تشن عليه، التي وضعته في مواجهة مباشرة مع "​حزب الله​"، الذي يتمسك بحق النواب السنة المستقلين في التمثيل.

من حيث المبدأ، يظهر رئيس الحكومة المكلف أنه من أكبر المتضررين من الواقع الحالي، نظراً إلى أنه المعني الأول في إنجاز التشكيلة التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر، لكن على المستوى الشعبي، داخل الطائفة السنية تحديداً، عاد ليكون "رأس الحربة" في مواجهة المشروع المضاد، وهو ما دفع الكثير من الشخصيات، التي كانت تعارض التنازلات التي يقدمها، إلى الإلتفاف حوله.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة على الأوضاع على الساحة السنية، عبر "النشرة"، إلى أن الحريري هو الرابح الأول مما يحصل، لا سيما أنه منذ إنطلاق عملية التأليف تحولت الخلافات على الحصص إلى صراع على صلاحيّات رئيس الحكومة المكلّف، لا سيّما عند التطرق إلى العقدة المسيحيّة أولاً ثم إلى العقدة السنيّة اليوم، وتشدّد على أن المواقف التي ذهب رؤساء الحكومة السابقين، رغم أنهم باستثناء رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ من أبناء البيت الواحد، لا يمكن تجاهلها، خصوصاً أنها تتزامن مع أخرى تصدر عن الزعامة الدينية.

وتذكر هذه المصادر بالبيان الذي صدر عن مجلس المفتين، قبل أن يعود مفتي الجمهورية ​الشيخ عبد اللطيف دريان​ إلى إستقبال أعضاء "اللقاء التشاوري"، الذي يضم 6 من النواب السنّة الذين لا ينتمون إلى تيار "المستقبل"، وتوضح أن باقي النواب السنّة الآخرين يؤيّدون موقف الحريري، باستثناء أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" النائب ​أسامة سعد​، الذي إختار أن يكون خارج هذه "اللعبة" نهائياً.

من وجهة نظر المصادر نفسها، الخيارات التي ذهب إليها الحريري، قبل الإنتخابات النيابيّة، كان لها تداعيات كبيرة على النتائج التي حصدها مرشحو تيار "المستقبل"، خصوصاً أنها لم تكن تحظى بالرضا الشعبي من جانب مؤيديه، وهو ما دفع بعض الشخصيات التي تدور في فلكه إلى الترشّح بوجهه، لا سيما في دائرة بيروت الثانية، لكنها تشير إلى أن الواقع اليوم يختلف، والدليل هو موقف وزير العدل السابق ​أشرف ريفي​، الذي لم يتردّد في إعلان دعمه رئيس الحكومة المكلّف، طالما أنه يخوض مواجهة مع ما يعتبره "شروطاً" من جانب "حزب الله"، بينما ميقاتي كان واضحاً في مواقفه، التي تنطلق من الحرص على موقع رئاسة الحكومة، والتي حصد من خلالها وزيراً في الحكومة المقبلة بتنازل من الحريري نفسه.

بالنسبة هذه المصادر، الواقع نفسه ينطبق على الحملة التي تخاض ضده من قبل بعض الأوساط السياسيّة التي تدور في فلك قوى الثامن من آذار، لا سيّما رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق ​وئام وهاب​، وتضيف: "في ظل الواقع الطائفي القائم في البلد، عندما يرفع الحريري شعار "بيّ السنّة" يستفيد من أيّ حملة تخاض ضده، خصوصاً إذا ما كان "حزب الله" في الواجهة".

في الجهة المقابلة، لا تتبنى أوساط مقربة من تيار "المستقبل" هذه القراءة، فهي تعتبر، عبر "النشرة"، أن المواقف المتضامنة مع رئيس الحكومة المكلف "طبيعيّة"، وبالتالي لا يمكن القول أنه الرابح الأول من الواقع الحالي، نظراً إلى أن التداعيات السلبيّة تنعكس على جميع اللبنانيين، في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة، خصوصاً أن التعطيل القائم يهدّد مقرارات مؤتمر "سيدر".

وفي حين لا تنفي المصادر نفسها أن تكون جماهيرية الحريري في إرتفاع نتيجة ما يحصل، تشير إلى أن ليس هذا ما يهمه في الوقت الراهن، بل الذهاب إلى تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لكنها تشدد على أنه قدم كل التنازلات الممكنة، وبالتالي لا يمكن إنتظار المزيد منه.