طالب رئيس حزب القوات ​سمير جعجع​ رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ مع رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ بممارسة صلاحياتهما الدستورية في وضع حدّ للأزمة، قائلا: "ما إلي على ​حزب الله​. هو حرّ في أن يطالب بما يريده، لكن إلي على رئيسَي الجمهورية والحكومة، والوضع لم يعد يحتمل. هذه هي النقطة المفصلية. تفضّلوا شدّوا حالكم إفعلوا شيئاً، إما إقناع حزب الله، أو اذهبوا الى جلسات الضرورة".

وأقر جعجع في حديث صحفي بـ"صعوبة ولادة حكومة من دون الحزب، حتى حين ظهر توجّهٌ الى تشكيل حكومة من دوننا قبلنا بالعرض الأخير المقدَّم لنا، مع أننا اعتبرنا أنه غيرُ منصف بحقنا. لا يمكن تشكيل حكومة من دون الكتل الأساسية فيها"، معتبرا ان "الوضع الحالي يلزمه، 3 أو 4 قرارات رئيسة أساسية لها علاقة ب​الوضع الاقتصادي​ والمعيشي، كطلب حزمة مساعدات من ​البنك الدولي​، إما عِبر حكومة يجب أن تولد سريعاً وإما إلتئام حكومة تصريف الأعمال"، مشيراً الى "وجود فتوى ل​مجلس شورى الدولة​ عام 1969 تشير الى أنه عند بروز أيِّ خطر عسكري أمني أو اقتصادي أو اجتماعي يمكن حكومة تصريف الأعمال أن تجتمع وتتّخذ القرارات الضرورية".

واعترف جعجع أنه "على المستوى الشخصي والحزبي الضيّق يتفرّج مِن بعد على الأزمة، لكن على المستوى العام الهمّ يأكلنا يوماً بعد يوم، فجميعنا في المُغليطة، وكل يوم تأخير لا ندرك تأثيره على الاستقرار الاقتصادي".

وردا على سؤال حول ما إذا كان "حزب الله" حالياً موجَّه ضد الرئيس سعد الحريري أو العهد برمّته؟ قال: "لا أراها في هذا الإطار، بل في إطار النزاع الأكبر، لأنّ نظرة حزب الله الى الاستحقاقات ليست جزئية أو تفصيلية. هو جزءٌ من مشروع كبير، ومقتضيات هذا المشروع الذي ينتمي اليه الحزب أينما كان في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن أن يكون هناك صمود في الموقف وأكبر مقدار ممكن من المكاسب".

لا يوافق رئيس "​القوات اللبنانية​" على نظرية البعض أنّ "حزب الله" يتصرّف بمنطق المنتصر، "بل لأنه مقبلٌ على أيام صعبة ويحاول التمسّكَ بكل مكسب"، مؤكّداً أنّ "القصة ليست فقط بوزير بالزائد بل من خلال القول إنّ له الجزء الأكبر من القرار حتى لو في إطار تشكيل حكومة".

وأكد رفضه لمقولة دخول لبنان عصر الشيعية السياسية، قائلا: "البلد لم يحمل ​المارونية السياسية​ ولا السنّية السياسية. نسبياً هناك «وهج» الشيعية السياسية»، مؤكّداً «لا خوف على ​إتفاق الطائف​".

وماذا عن سرّ المهادنة تجاه "حزب الله" في عزّ فرض أمينه العام ​السيد حسن نصرالله​ شروطه على تأليف الحكومة؟ أوضح جعجع "أولاً ليس بيننا أيُّ غزل إعلامي، بل واقعية سياسية يظهر جانب منها في التقاطعات داخل الحكومة أو في مجلس النواب". وأضاف: "بين الـ 2005 و2009 كانت أزمة سلاح «حزب الله» مطروحة، وهناك فرزٌ سياسي، ومشروعٌ جدّي لطرح ​الاستراتيجية الدفاعية​. كان يجب يومها أن نقول ما لدينا. اليوم صارت مواقفُ الطرفين واضحة، لكنّ تكرار الموقف بسبب أو بلا سبب لا يفيد. هذه ليست المعركة الآن. نحن نعيد تأكيد الموقف حين يكون هناك لزومٌ للأمر. همومُ اللبنانيين كثيرة ويجب التركيز عليها".

وعندما سئل "متى يمكن أن تجدَ نفسَك وجهاً لوجه أمام السيد حسن نصرالله؟"، قال: "بعد سقوط الجمهورية الإسلامية في إيران"!

من جهة أخرى، أوضح انه "إذا كان أحدُ الحلول المطروحة للعقدة السنية التوزير من حصة الرئيس، لا يجب أن نعتبرَ أنّ الأمر يحصل على حساب حصة رئيس الجمهورية، لأنّ الوزير السنّي الذي سيُسمّى عندها سيكون عملياً من فريقه حتى لو من خط "8 آذار". لكن في تقديري المشكلة أبعد من ذلك، وإلّا لكانت حُلّت بهذه الطريقة".

وتحدّث جعجع عن مجموعة من العوامل من دون أن يحدّد مسبّباً واحداً لتشبّث "حزب الله" بموقفه بتوزير سنّي من 8 آذار، "قد يكون من أجل القول أنا صاحب القرار، أو للأزمة إمتداداتُها الإقليمية، وهناك الكباش الإيراني الأميركي، أحياناً كثيرة ليس هناك عاملٌ واحد يتحكّم بواقع ما".

لا ينكر جعجع الحيثية التمثيلية لسنّة 8 آذار، مع تسجيله إعتراضاً على عدم إنضوائهم ضمن كتلة واحدة خلال الاستشارات النيابية، "لكنّ رهن ولادة الحكومة بتمثيلهم أمر خاطئ، تماماً كما حين نتحدّث عن المسيحيين المستقلين، أو الحزب القومي، أو حزب الكتائب".

وجزم جعجع بأنّ "القوات" لم تعطّل الحكومة سابقاً "كان لدينا رأيُنا، كان يمكن أن يقولوا لنا إمشوا أو أبقوا خارجاً. قناعتنا أنّ المعارضة أكثر فعاليّة من داخل الحكومة حيث سنجد أطرافاً حتماً الى جانبنا لدعمنا، وهذا ما حصل في الحكومة السابقة. فمشروع البواخر مثلاً لم نتمكّن من تعطيله لو كنا بمفردنا، وحتى حزب الله وقف الى جانبنا".

وعن مصالحة القوات وتيار المردة، رأى جعجع ان "أيَّ كلام عن ​الانتخابات الرئاسية​ اليوم هو «تخبيص خارج الصحن. لا يجوز الضرب بالرمل. وحتى لو حضّرنا للاستحقاق منذ الآن، فالمعطيات قد تتغيّر بعد أربع سنوات"، مؤكدا ان "ما حصل في بكركي تأخّر 13 عاماً. أوّل خطوة إتّخذها ​سليمان فرنجية​ حصلت في 26 تموز 2005 يوم خروجي من الاعتقال. حينها حصل إلتباسٌ لم أكن مسؤولاً عنه بحيث لم أتمكّن من الردّ على إتصال فرنجية. «كنت بعدني طالع وما عارف شي. بعدها للأسف حصلت أحداث في الشمال أخّرت المسألة أكثر، وانتظرنا حتى تهدأ الأمور الى أن وصلنا الى موضوع رئاسة الجمهورية، أخذنا خيارَ عون لأسباب معروفة وغير معروفة، وبقي الكلام قائماً مع «المردة»، لكن خلال التحضير للانتخابات التهينا بعض الوقت".

ورفض جعجع الردّ على فرضية النائب السابق سليمان فرنجية بحصر السباق الرئاسي بينه وبين وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​، وأنّ رئيس "القوات" الذي جرّب خيار عون لن يعاود الكرّة مع باسيل وقد يدعم فرنجية، ويقول: "بكير على هذا الكلام وهو خارج السياق".

وفيما يراهن فرنجية على أنّ موازين القوى ستكون لمصلحة خطه السياسي، هل يراهن جعجع على العكس بحيث تنقلب هذه الموازين لمصلحته، خصوصاً أنّ هناك ما يشبه إجماعاً على إستبعاده اليوم من لائحة المرشّحين للرئاسة؟ سأل جعجع "مَن يعرف؟ هذا ممكن"، معتبراً أنّ "استبعادي من الحلبة الرئاسية إستنتاجٌ في غير محلّه".