في الأيام السابقة، ظهرت العديد من المؤشرات على إحتمال إنتقال الأزمة الحكومية من المجالس السياسيّة إلى الشارع، لا سيما بعد تفجّر الخلاف بين رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق ​وئام وهاب​ وتيار "المستقبل"، في حين يؤكد الأخير أن التحركات التي قام بها أنصاره غير "منظمة"، وتأتي رداً على المواقف التي أطلقها وهاب مؤخراً.

حتى الساعة، تُصر مصادر في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، على التأكيد بأن ليس هناك من أمر عمليات باستهداف رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، الأمر نفسه أكده رئيس حزب "التوحيد العربي"، في ردّه على رئيس "الحزب التقدّمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، الذي تحدّث عن "أمر العمليّات بالتهجّم والتعرّض للكرامات وإختلاق الاكاذيب والاساطير"، لكن في جميع الأحوال بدأ يثير القلق في بعض الأوساط ال​لبنان​ية، لا سيما أنه يترافق مع تحذيرات متكرّرة حول الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة.

وتشدد هذه المصادر على أن ليس هناك من توجه لدى القيادات الأساسيّة في هذا الفريق لدفع الحريري إلى تقديم إعتذاره، بل على العكس فإنّ التأكيد الدائم على أهميّة وجوده في موقع رئاسة الحكومة، بغض النظر عن الخلافات في وجهات النظر معه، لا سيما حول تمثيل النواب السنّة المستقلين، حيث تعتبر أنه لا يمكن تجاوزه بأيّ شكل من الأشكال، ويعود إلى النتائج التي أفرزتها الإنتخابات النيابية الأخيرة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، تيار "المستقبل" يتحمل جزءاً أساسياً من المسؤولية عما يحصل، خصوصاً أنه الفريق الأساسي المعني بالأزمة الحكوميّة الراهنة كون الحريري هو رئيس الحكومة المكلّف، بينما يرفض مجرّد استقبال أعضاء "اللقاء التشاوري" للحوار معهم، لا بل يذهب المقربون منه إلى إطلاق الشتائم والإتهامات بحقّهم، الأمر الذي لن يساعد في المعالجة، بل على العكس سيؤدّي إلى التمسك أكثر في مطلب تمثيلهم، وتؤكد هذه المصادر أن الحوار قد يقود إلى تسوية تجنّب البلاد الإستمرار في الواقع الحالي.

من وجهة نظر هذه المصادر، لا علاقة لمواقف رئيس حزب "التوحيد العربي" بالأزمة الحكوميّة الراهنة، لا بل هي تعود إلى مواقف أطلقها وهّاب من مسائل أخرى، أبرزها ما حصل خلال حفل الإستقبال في القصر الجمهوري، عندما قرّر الحريري التهرّب من مصافحة السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، وتستغرب الربط بين مواقفه و"​حزب الله​"، خصوصاً أن الحزب عندما يريد إرسال أي رسالة لا يخجل بالأمر، بل يخرج ويعبر علناً عن مواقفه، كما حصل لدى إعلان أمينه العام السيد حسن نصرالله موقفه من تمثيل النواب السنة المستقلين.

في الجهة المقابلة، لا تفصل مصادر نيابية في كتلة "المستقبل"، عبر "النشرة"، بين مواقف رئيس حزب "التوحيد العربي" والأزمة الحكوميّة، وتشير إلى أن الإطار العام الذي يعبّر عنه وهاب يتماهى مع مواقف تصدر عن أعضاء في كتلة "الوفاء للمقاومة"، لكنها تشير إلى أن اللغة التي يعبر بها تختلف عن أسلوب الحزب، إلا أنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان المطلوب منه القيام بذلك، على قاعدة أن الحزب لا يريد الإنجرار إلى هذا المستوى من الخطاب، وتضيف: "كل هذا لن يغير من المعادلة الحكوميّة، والحريري متمّسك بتلك التي أكد عليها منذ اليوم الأول".

وتشدّد المصادر نفسها على أن ما يحصل لا يمكن السكوت عنه بأيّ شكل من الأشكال، لا سيّما بعد أن تخطت اللغّة المستخدمة كل الخطوط الحمراء في الفيديو الذي تسرّب مؤخراً، إلا أنها تجزم بأن ليس هناك من قرار بالردّ عبر الشارع، وتلفت إلى أن لديها الكثير من الطرق الأخرى، منها الذهاب إلى القضاء.

في المحصّلة، التوتّر الحاصل على خلفيّة الأزمة الحكومية بدأ ينذر بالإنتقال إلى الشارع، سواء كان هذا الأمر "منظّماً" أو "عفوياً"، ما يفرض على المعنيين التحرك سريعاً لإيجاد الحلول الممكنة.