ذكرت "الاخبار" ان الجدال بشأن هبة الذخائر الروسية للجيش اللبناني حرّك النّقاش واسعاً لدى الدوائر السياسية، حول علاقة لبنان بروسيا، في ظلّ الدور الروسي المتنامي في الإقليم. وشهدت الأيام الماضية حركةً مكثفة للسفير الروسي في بيروت ​ألكسندر زاسبيكين​ نحو القيادات العسكرية والأمنية، وتولّى سياسيون مقرّبون من موسكو تفعيل الاتصالات بين لبنان الرسمي و​السفارة الروسية​ في بيروت. ومما لا شكّ فيه أن أجواء الامتعاض الروسية من السلوك اللبناني العام حيال العلاقة مع موسكو، وصلت إلى المسؤولين اللبنانيين على أكثر من مستوى، ولا سيّما أن تقويم لبنان خلال جردة نهاية العام في وزارتي الدفاع والخارجية، أطلق جرس إنذار في دوائر القرار الروسية بضرورة إعادة تصويب العلاقة مع لبنان، الواقع ضمن المجال الحيوي للوجود العسكري الروسي على الضفاف الشرقية للمتوسط. كما أن موسكو باتت تراقب عن كثب حركة السفارات الغربية في بيروت، ولا سيّما الأميركية والبريطانية، التي تتقصّى نشاط الدبلوماسيين والعسكريين الروس، وتعدّ الدراسات حول الأدوار المستقبلية المحتملة لروسيا في لبنان وسبل مواجهتها، وتمارس الضغوط على مسؤولين لبنانيين لعرقلة أي تعاون جدي مع موسكو.

واعرب مصدر دبلوماسي وعسكري روسي عن خشيته، لـ"الأخبار"، من أن يكون الحديث عن القرض في "سياق إزاحة الأضواء عن العقبات الحقيقية التي تقف في وجه التعاون العسكري التقني"، في ظلّ عراقيل تعانيها الشركات الروسية في ​المصارف اللبنانية​، والصورة التي تكوّنت لدى الروس بعد رفض الهبة.

وعطفاً على ما نشرته "الأخبار" أمس، حول رفض ​مصرف لبنان​ فتح اعتماد مستندي حتى يتمكن ​الجيش اللبناني​ من تسديد ثمن شاحنات الـ"كاماز" للشركة الروسية، علمت "الأخبار" أن ​الرئيس ميشال عون​ ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ تابعا الموضوع بتفاصيله أمس. ويتذرّع حاكم مصرف لبنان بأن "مراسل" المصرف الذي فتحت فيه "كاماز" حساباً ب​الليرة اللبنانية​، في أميركا، هو من يعارض فتح الاعتماد، فضلاً عن إحالة سلامة الأمر على السلطة السياسية. لكن الشركة الروسية طلبت فتح الاعتماد بالليرة اللبنانية لسحب ذريعة تدخل مصارف المراسلة في ​الولايات المتحدة الأميركية​، علماً بأن الشركة أعربت أيضاً عن عدم معارضتها فتح حساب بالدرهم الإماراتي، كونها تعمل في ​الإمارات العربية المتحدة​. وبحث زاسبيكين أمس، مع قائد الجيش جوزف عون، مسألة الهبة الروسية وشاحنات "الكاماز" والتعاون العسكري بشكل عام، ونقلت مصادر، اطلعت على فحوى اللقاء، أجواء من التوافق بين الطرفين على تعزيز التعاون.

غير أن المواقف الإيجابية، ما لم تقترن بسعي جدّي إلى حلّ أزمة الهبة في القريب العاجل (جرى البحث في إمكانية نقلها من الجيش إلى قوى الأمن الداخلي مع ما يعنيه الأمر من إجراءات لوجستية وتقنية جديدة) وعدم ربطها بملف تأليف الحكومة، ومعالجة مسألة الاعتماد المالي لشاحنات "الكاماز"، تبقى في إطار المجاملات الدبلوماسية، وتمنع رفع مستوى التعاون العسكري التقني بين البلدين، وتنفيذ مقررات اللجنة الحكومية المشتركة لعامَي 2017 و2018، وسط رغبة أميركية وغربية عارمة في عرقلة هذا التعاون.