قد يكون قرار "​حزب سبعة​" بالتظاهر، هو اول خطوة، في الضغط الشعبي، لإجبار السياسيين على تقديم تنازلات جدّية متبادلة، لتأليف ​الحكومة​. وإذا كان الحشد المرتقب متواضعاً، تلبية لدعوة الحزب المذكور، فلا يعني ذلك أن ال​لبنان​يين لا يكترثون بمسألة تأليف الحكومة، بل يوحي حينذاك أن ضعف المشاركة، قد يكون بسبب هوية وطبيعة الدعوة. لأنّ العقبات التي تواجه عملية التأليف هي محور حديث اللبنانيين، الذين يتساءلون: لماذا كل هذا العناد السياسي بعدم التنازل؟ لماذا التمسك بالثلث الضامن عند فريق "​التيار الوطني الحر​"؟ ولماذا بالمقابل الإصرار على عدم الموافقة على إمساك التيار البرتقالي لذاك الثلث؟ كيف يكون المخرج؟.

أسئلة المواطنين تتزاحم، والإجابة لا ترد من القوى المعنية، بل من المواطنين انفسهم، الذين يضعون الاجابات التي تتناسب مع توجهاتهم.

يردّد انصار "الوطني الحر" الكلام عن حقهم بالثلث، لفرض الإصلاحات، بإستخدام العهد الوزن الحكومي.

لكن أنصار حلفاء العونيين، يردّون: ومتى كان الاصلاح في لبنان يحتاج لثلث معطّل؟!. إن لبنان يحتاج دوماً للتوافق بين مكوناته، فلا قدرة لفريق على فرض أو رفض أي سيناريو لوحده.

اللافت أن النقاش في مضامين الأسئلة والأجوبة تقوم بين صفوف الحلف الواحد، أي بين الجمهور البرتقالي، وأنصار قوى "8 آذار". بينما يتفرج جمهور "المستقبل" الذي بات على قناعة بأن ما يطالب به النواب السنّة الستّة، هو مقعد من حصة ​رئيس الجمهورية​ وليس من حصة رئيس الحكومة. ولذلك قال رئيس الحكومة المكلّف بالتأليف سعد الحريري: الحل عند الآخرين، من دون أن يسمّهم بالإسم، ما يحتمل التأويل، لكنه يقصد في الشكل "​حزب الله​"، وفي الجوهر "الوطني الحر". امّا حزب "​القوات​" فيذهب بعيدا خلال ترقّبه سخونة الجدل، ويستخلص بأن "لا ثقة بين خصومنا، بعضهم ببعض".

وتبيّن الحوارات السياسيّة المفتوحة، ومبادرة وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​، أن المقاربات تدور حول دائرة الحل الوحيد الممكن، من دون الدخول اليها حتى هذه الساعة. ومن هنا جاء طرح 32 وزيراً يحظى بقبول عام، شرط عدم امتلاك فريق لوحده الثلث زائد واحد. لكن الشيطان يكمن بتفاصيل الطرح: من يسمّي الوزيرين الإضافيين؟ لا اتفاق حتى الساعة.

امّا إقتراح تأليف حكومة اقطاب من 14 وزيرا، فهو مشروع غير وارد، لأن طبيعة الحياة السياسيّة اللبنانية الآن تختلف عمّا كانت عليه في الماضي، فلا قدرة للقوى السياسية على اختصار المشهد الحكومي بأقطاب، يحدّون من طموحات المستوزرين ووعود النافذين، وطبيعة العمل الحكومي المرتقب. لذلك، فإن هذا الطرح ميت قبل ولادته، ولن يطرح على طاولة النقاش الجدّي.

أما المطّلعون فيختصرون الحل بخطوات ثلاث:

اولا: يلتقي رئيس الحكومة المكلّف وفد النوّاب السنّة الستة، الذين يمكن ان يقبلوا حينها الدخول في تسوية حول اسم ممثّلهم في الحكومة.

ثانيا": يعلن رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ فرض الحل الحكومي، من اجل الدولة والمواطن وتنفيذ خطة الاصلاح المنتظرة لتطبيقها في عهده، بالتنازل عن المقعد السنّي من حصته لصالح اسم تسووي.

ثالثاً: يتم الاتفاق على اسم الوزير التسووي، الذي يرضى به فريق النوّاب الستة.

ويعتبر المطّلعون أن عدم المضي بالسيناريو الثلاثي الخطوات، لن يحقق الحل، لأن كل فريق يعتبر نفسه منتصراً أو مهزوماً، وتلك معادلة لا تصحّ في لبنان.