من المفترض أن تكون الساعات والأيام القليلة المقبلة حاسمة لجهة الموقف الذي سيتّخذه "​حزب الله​" سواء من الملفّ الحكومي أو من الأزمة السياسيّة ككل التي انفجرت أمنيًّا في الجاهليّة. فما قبل العمليّة الأمنيّة في معقل رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق ​وئام وهاب​ لن يكون كما بعدها، كما تؤكد مصادر مطلعة على جوّ الحزب، تنقل عنه استياءه العارم مما حصل وتشديده على انه لولا استدراك الأمر سريعا لكانت الأمور خرجت من أيدي الجميع، وكنا حتى الساعة في اقتتال في الجبل كان لا شك سيمتدّ الى مناطق أخرى.

ويرفض "حزب الله" تأكيد او نفي ما اذا كانت احدى قياداته اتصلت فعلا برئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ خلال العمليّة لتنبيهه من أنها قد تنزلق الى حرب أهليّة. فبالرغم من نفي مقربين من الحريري لهذا الموضوع، الا أن المصادر المطلعة على جو الحزب تشير الى وجود رسالة كان يجب أن تصل الى "بيت الوسط"، ووصلت، من دون الغوص بشكلها وتحديد كيفيّة ارسالها. وتشير المصادر الى ان أولويّة الحزب في المرحلة الراهنة تبقى هي نفسها كما كانت فيّ الفترة الماضية لجهة تمسكه بالاستقرار الأمني أيًّا كانَ الثمن، لافتة الى أنّ ما حصل في الجاهليّة لايخدم من قريب أو بعيد هذا الهدف، من هنا كانت المسارعة لاستدراك الأمر من خلال التواصل السريع مع الجهات المعنية للتراجع عن أيّ مخطّط كان قد تمّ اعداده، خاصة بعد سقوط محمد أبو ذياب جريحا يوم السبت.

واذا كانت المواقف الصادرة في الساعات القليلة الماضية تؤكّد أنه تم الى حد بعيد احتواء الموضوع أمنيًّا، الا أنّ أحدا لا يمكنه أنْ يحسم شكل وحجم تداعياته السياسيّة. ففيما تؤكّد مصادر درزيّة في قوى 8 آذار أنّ ما حصل سيؤثر سلبا على عملية ​تشكيل الحكومة​ المتعثّرة أصلا، ترجّح مصادر سياسيّة معنيّة بعمليّة التشكيل أن ينعكس ما حصل ايجابا على قاعدة "اشتدّي يا أزمة تنفرجي"، خاصة بعدما تبيّن للقوى السياسيّة أن الأمور قد تخرج عن نصابها في أيّ لحظة ما يستدعي المسارعة لتحصين وضع البلد من خلال التفاهم على حكومة فاعلة.

وتستغرب مصادر مقرّبة من تيار "المستقبل" الحديث عن امكانية أن يعيد "حزب الله" حساباته الحكومية بعد ما حصل، متسائلة: "حساباته أصلا هي التي تعرقل التشكيل، وبالتالي إعادة النظر فيها قد يكون عاملا مسهّلا للولادة الحكومية التي طال انتظارها، أما التلويح بسيناريوهات أخرى قد يلجأ اليها الحزب، فأمر غير وارد لأنه لو كان أصلا لديه خيار غير سعد الحريري لتكليفه تشكيل الحكومة لما تأخّر عن اعتماده، لكنه يُدرك تماما أن رئيس الحكومة المكلّف هو حاجة وطنيّة لا يمكنه تخطّيها، والا أصبح لبنان الرسمي في عين العاصفة وفي مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي".

وبانتظار تبلور موقف "التيار الوطني الحر" ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون مما حصل، يبقى مصير الحكومة على كفّ عفريت، فان كانت عمليّة الجاهليّة حركت المياه الراكدة وحرفت الأنظار قليلا عن "العقدة السنّية" المستعصية حتى الساعة، الا أنّ الخوف الحقيقي هو من أن يتطور الكباش الحكومي الذي حرص حزب الله على حصره في الشارع السني الى كباش سني-شيعي مباشر يطيح بسنوات من "ربط النزاع".