في الوقت الذي يتواصل فيه التعثّر على خطّ تشكيل الحُكومة، تتواصل المُحاولات من جانب "التيّار الوطني الحُرّ" بشكل خاص، لفتح ثغرة على مُستوى التأليف. وقد جرى تسريب أكثر من إقتراح لحلّ الأزمة، منها ما هو مُقدّم من جانب رئيس "التيّار" ​جبران باسيل​، ومنها ما هو مُقترح من جهات فاعلة أخرى. فما هي أبرز هذه الصيغ، وهل تمّ إحداث أيّ تقدّم على طريق تشكيل الحُكومة؟.

إقتراح توسيع الحُكومة إلى 32 وزيرًا، حيث جرى طرح أكثر من صيغة في هذا المجال، في طليعتها تمثيل الأقليّات المسيحيّة والعلويّين، وهي صيغة كان رفضها رئيس الحُكومة المُكلّف ​سعد الحريري​ في السابق، بينما كان رئيس الجُمهوريّة العماد ​ميشال عون​ من مُحبّذيها. وسبب رفض الحريري في حينه أنّ وزير الأقليّات المسيحيّة كان سيُحسب على حصّة رئيس الجُمهورية، على أن يُحسب الوزير العَلوي من حصّة فريق "8 آذار" وأن يتحوّل تمثيله حُكوميًا إلى عُرف. وقد جرت مُحاولة جديدة في الأيّام القليلة الماضية لإعادة تعويم هذا الإقتراح، مع تبديل في توزيع الحصص، بحيث ينال رئيس الحُكومة المُكلّف وزيرًا واحدًا من الوزيرين الإضافيّين، على أن يتنازل في مُقابل ذلك عن وزير سنّي من حصّته يذهب لصالح "اللقاء التشاوري". لكنّ رئيس الحُكومة المُكلّف رفض توسيع الحكومة إلى 32 وزيرًا، بغضّ النظر عن شكل توزيع الحُصص فيها.

إقتراح تشكيل حُكومة أقطاب (أو من يُمثّلهم) مُصغّرة جدًا،بحيث يتمّ إستبعاد كل الأحزاب والقوى والكتل الصغيرة، على أن يُحصر التمثيل الحُكومي بالكتل وبالأحزاب الكبيرة الأساسيّة، بحيث لا يكون هناك أي تمثيل لأحد نوّاب "اللقاء التشاوري". وجرى أيضًا تسويق إقتراح رديف لحكومة الأقطاب يقضي بتوسيع هذه الأخيرة لتضمّ عددًا من وزراء الإختصاص، بدلاً من أن تضم 14 وزيرًا سياسيًا فقط. وبذلك تكون الحُكومة مزيجًا بين الأقطاب السياسيّين،ووزراء التكنوقراط الذين يحملون مشاريع حُلول لكثير من المشاكل الإقتصاديّة والإجتماعيّة المُتوارثة والمُتصاعدة. لكنّ رفض هذا الإقتراح جاء من أكثر من جهة سياسيّة، بحجّة أنّ المُشكلة تكمن في صُعوبة تمثيل الجميع في حكومة من 30 وزيرًا، وأي إنتقاص من هذا العدد سيزيد من صُعوبة الأمر.

إقتراح تشكيل حُكومة من 24 وزيرًا، بحيث تخسر الأحزاب الرئيسة المُمثّلة حاليًا (​حزب الله​، ​حركة أمل​، المُستقبل، ​الحزب التقدمي الإشتراكي​، التيار الوطني الحرّ، القوّات اللبنانيّة) وزيرًا واحدًا من حصّة كل منها، بينما يبقى تمثيل "تيّار ​المردة​" قائمًا، ولكن يتمّ صرف النظر كليًا عن توسيع التمثيل الوزاري ليضمّ "اللقاء التشاوري" أو سواه من القُوى أو الكتل. لكنّ الأحزاب المَعنيّة غير مُتحمّسة إطلاقًا لهذا الإقتراح، بينما رأت فيه القُوى الداعمة لتمثيل نوّاب "اللقاء التشاوري" إلتفافًا مَرفوضًا على حقّ "اللقاء" المذكور بالتمثّل على طاولة ​مجلس الوزراء​.

إقتراح يقضي ببقاء عدد الثلاثين وزيرًا، لكن على أن يتمّ التراجع عن إتفاق التبادل بين كل من رئيس الجُمهورية ورئيس الحُكومة المُكلّف، بحيث يعود الوزير المسيحي إلى حصّة رئيس الجُمهوريّة مُجدّدًا، ويعود الوزير السنّي إلى حصّة رئيس الحُكومة المُكلّف. لكنّ هذا الأخير رفض هذا الإقتراح في مهده، كونه يُنقّص من حصّته وزيرًا، وهو متمسّك أيضًا بالوزير المسيحي من حصّته على إعتبار أنّ "تيّار المُستقبل" يضمّ في صُفوفه عددًا من النوّاب والمُحازبين المسيحيّين، ويجب تمثيلهم بوزير في الحُكومة.

إقتراح أن يتنازل رئيس الجمهوريّة عن الوزير السنّي الذي جرى تجييره له ضُمن الحُكومة الثلاثينيّة المُقترحة، في مُقابل تنازله عن وزير مسيحي من حصّته، على أن يتم عندها منح هذا المقعد الوزاري السنّي لأحد نوّاب "اللقاء التشاوري" أو لشخصيّة تُمثّلهم أو يتمّ تسميتها بالتوافق معهم. لكنّ هذا الإقتراح سقط أيضًا بسبب رفض رئيس الجُمهوريّة التنازل عن هذا المقعد، إضافة إلى رفض نوّاب "اللقاء التشاوري" التمثّل بالحُكومة بشكل غير مُباشر، حيث يُصرّون على أن يتمثّلوا بنائب من صُفوفهم.

في الختام، إقتراحات كثيرة يجري تسويقها والبحث فيها، في مُحاولة لتدوير الزوايا، على أمل أن يحظى أحد هذه الإقتراحات بفرصة قابلة للحياة لدى المعنيّين. لكن حتى الساعة النتائج سلبيّة بغضّ النظر عن حجم الحُكومات المُقترحة وعن طبيعتها، وعن أعداد الوزراء فيها. وباتت نسبة التشاؤم عالية إلى درجة أنّ بعض المصادر السياسيّة يتحدّث عن إقتراحات لتمرير الوقت وتنفيس الإحتقان لا غير، في إنتظار أن يطرأ تغيير جذري في موقف أحد الأفرقاء المَعنيّين.