بعد إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قبوله ثلاث وزارات ونيابة رئاسة الحكومة، ظنّ الجميع أن العقد التي تعيق تأليف الحكومة زالت، وأننا بتنا على بعد ساعات من اعلان ولادة الحكومة الجديدة. ولكن ما إن انتهت عقدة القوات حتى ظهرت عقدة أخرى قد تؤجل ولادة الحكومة الى العام المقبل.

أمام هذا الواقع، بدأ يدور الحديث عن رسالة يمكن أن يوجهها رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ الى ​مجلس النواب​ الأسبوع المقبل، إنطلاقا من اعتباره أن تسمية رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ ل​تشكيل الحكومة​ منحه الدستور الى النواب من خلال ​الاستشارات النيابية​ الملزمة، وبالتالي فإذا استمر تعثّر تشكيل الحكومة فإنّ من الطبيعي أن يضع رئيس الجمهورية ميشال عون الموضوع في عهدة مجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه. وهنا يبقى السؤال: ماذا ينصّ الدستور حول هذه المسألة وما هي مفاعيل هذه الرسالة؟.

"خطوة توجيه رسالة الى مجلس النواب أعطيت لرئيس الجمهورية بعد إتفاق الطائف بصورة صريحة وتحديدا في المادة 53 من الدستور"، وهي بحسب الخبير الدستوري عادل يمّين "تتيح لرئيس الجمهورية توجيه رسائل عند الضرورة الى مجلس النواب توجب عليه الانعقاد خلال ثلاثة أيام للاستماع الى الرسالة سواء كانت موجهة بواسطة رئيس المجلس النيابي، أو إذا شاء الرئيس تلاوتها شخصيّا أمام الهيئة العامة للمجلس"، مشيرا الى أنه "على مجلس النواب أيضا الانعقاد لاتخاذ القرار أو الاجراء اللازم بخصوص الرسالة". بدوره يرى الخبير الدستوري ​أنطوان صفير​ أن "مفعول الرسالة يبقى معنويًّا وليس تنفيذيّا وهي تتعلق بدور الرئيس على أساس أنه شريك أساسي في تأليف الحكومة".

"لا آلية دستورية تشير الى كيفيّة الخروج من المأزق الذي نمرّ فيه، ولا يمكن للرئيس أن يسحب التكليف، وليفعل ذلك يجب أن يكون هناك نصوص دستورية وهي غير موجودة راهناً". هذا ما يؤكده صفير، مشيراً إلى عدم "وجودها بشكل يلزم رئيس الحكومة على التنحّي".

من جهته يلفت يمين الى أنه "وفي حال أردنا الإجتهاد من ضمن النصوص القائمة، يمكننا أن نفترض أن مجلس النواب عندما يتلقى رسالة الرئيس ويناقشها، يمكنه أن يصدر توصية بسحب التكليف من رئيس الحكومة المكلّف فيتلقّف رئيس الجمهورية هذه التوصية ويصدر كتاباً لسحب التكليف، والدعوة الى استشارات جديدة وتكليف رئيس حكومة جديد"، مضيفاً: "يمكن الاستناد في هذا الامر الى كون مجلس النواب هو المصدر الاساسي للتكليف لأنّ الاستشارات المُلزِمة هي التي تحدّد هويّة وشخصيّة رئيس الحكومة المكلّف من حيث المبدأ، كما أن مجلس النواب هو الذي يمنح الحكومة الثقة ويحجبها عنها، ومن يكون قادرا على حجب الثقة عن الحكومة يستطيع أن يحجب الثقة عن رئيس الحكومة".

يعود أنطوان صفير ليشدد على أننا "بمأزق دستوري والرسالة التي سيوجهها الرئيس لن يكون لها أيّ طابع تنفيذي"، معربا عن اعتقاده أننا "أمام أزمة دستوريّة وسياسيّة تؤكّد على وجود أزمة نظام"، مشددا على أن "رئيس الجمهورية ومن خلال الرسالة يسعى الى توصيف الواقع ورفع المسؤوليّة عنه".

إذاً في ظلّ عدم تشكيل الحكومة تبقى كل الخيارات مفتوحة وإحداها قد تكون برسالة الرئيسواب، ليبقى الانتظار سيّد الموقف وتأتي "كلمة السرّ" التي تفكّ أسر الحكومة!.